أثار المقترح الذي تقدمت به لجنة القوانين والأنظمة، التابعة للجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الثاني عشر لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، جدلاً سياسياً حاداً، وذلك بعد أن تضمن تعديلاً يمهد الطريق لاستمرار الكاتب الأول إدريس لشكر في قيادة الحزب لولاية رابعة متتالية. في سياق ديمقراطي يفترض التداول والحد من الشخصنة، بدا هذا التعديل أشبه بمسعى لتكييف القواعد التنظيمية بما يخدم مساراً سياسياً محدداً، ويعكس تصدعاً في التصور المؤسساتي داخل الحزب العريق.
اللافت أن المقترح لم يُطرح بوصفه مجرد تعديل تقني، بل جاء مدججاً بخطاب حول “المصلحة العليا للحزب”، وهو تعبير فضفاض لطالما استُخدم في المشهد الحزبي المغربي لتبرير تجاوز القواعد أو إعادة تأويلها بما يتماشى مع موازين القوى داخل الهياكل. التبرير ذاته قد يُقرأ كتعبير عن أزمة في تجديد النخب وغياب البدائل القادرة على ملء موقع القيادة، أو ربما كدليل على نجاح لشكر في إحكام قبضته التنظيمية إلى الحد الذي يجعل استمراريته ضرورة لا خياراً.
المثير في هذا السياق هو الحديث عن “شبه إجماع” داخل اللجنة، وهو ما يثير تساؤلات حول طبيعة النقاشات ومدى تعدديتها، وهل يعكس هذا الإجماع حقيقة اقتناع داخلي بجدوى الولاية الرابعة، أم هو ثمرة اصطفاف محسوم سلفاً في لعبة الولاءات؟ ثم ما موقع القواعد الحزبية في هذا القرار؟ وهل تم إشراكها فعلياً في هذا التوجه أم أن المؤتمر الوطني سيُوظف لاحقاً كأداة تزكية شكلية؟
السياق العام الذي يمر به الاتحاد الاشتراكي لا يخلو من تحديات مرتبطة بتراجعه الانتخابي والتأثيري، ما يجعل من أي قرار تنظيمي رفيع الحساسية رهين توازن دقيق بين متطلبات التجديد وضغط الاستمرارية. ومع اقتراب موعد المؤتمر، ستتجه الأنظار إلى كيف ستتعامل القيادة الحالية مع هذا التعديل: هل ستمضي فيه باعتباره أمراً واقعاً، أم ستُبقي الباب مفتوحاً أمام نقاش ديمقراطي حقيقي يعيد إلى الحزب بعضاً من وهجه المؤسساتي؟
ختاما ، إن ما يحدث داخل الاتحاد ليس شأناً داخلياً فحسب، بل يعكس مآلات التحول الحزبي في المغرب عموماً، حيث ما زال التوتر قائماً بين منطق المؤسسة ومنطق الشخص، وبين ديمقراطية الواجهة وحقيقة التمكين السياسي الداخلي.