إحتضنت الرباط اليوم الثلاثاء، أشغال الندوة الوطنية الأولى حول التعبئة المجتمعية لمحاربة الهدر المدرسي تحت شعار “التعبئة المجتمعية، رافعة لمحاربة الهدر المدرسي”.
و ذكر بلاغ لوزارة التربية الوطنية و التعليم الأولي و الرياضة، أن هذه الندوة التي ترأس إفتتاح أشغالها وزير التربية الوطنية و التعليم الأولي و الرياضة، محمد سعد برادة، تميزت بحضور كل من ممثلة الوكيل العام لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، المنسقة الوطنية لإعلان مراكش 2020 من أجل القضاء على العنف ضد النساء، و سفيرة الإتحاد الأوربي بالمغرب، و ممثلين عن وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية، و وزارة التضامن و الإدماج الإجتماعي و الأسرة، و وزارة الإدماج الإقتصادي و المقاولة الصغرى و التشغيل و الكفاءات.
و أبرز المصدر ذاته، أن هذا العمل المشترك يأتي في إطار تنفيذ مقتضيات إتفاقية الشراكة و التعاون المبرمة بين الوزارة و رئاسة النيابة العامة في مارس 2021 في مجال “إلزامية التعليم الأساسي من أجل الحد من الهدر المدرسي”، و الإتفاقية الإطار مع وزارة التضامن و الإدماج الإجتماعي و الأسرة.
و أشار إلى أن هاتين الإتفاقيتين تندرجان في سياق تنفيذ الإلتزامات الواردة في إعلان مراكش 2020، و تعزيز الإجراءات النوعية و التدابير المدرجة في خارطة الطريق 2022-2026 من أجل مدرسة عمومية ذات جودة للجميع.
و نقل البلاغ عن السيد برادة قوله في كلمة بالمناسبة أن هذه الندوة تأتي في مرحلة مفصلية من تنزيل الإصلاح التربوي من خلال تفعيل برامج و إلتزامات خارطة الطريق 2022-2026، التي تروم، ضمن أهدافها الإستراتيجية، تقليص الهدر المدرسي بنسبة الثلث في أفق سنة 2026، و تعزيز التحكم في التعلمات الأساس، و مضاعفة أعداد التلميذات و التلاميذ المستفيدين من الأنشطة الموازية.
و أبرز الوزير أن الوزارة تعتمد على مجموعة من المداخل العلاجية لمحاربة الهدر المدرسي إلى جانب المقاربة الوقائية المرتكزة على التعبئة المجتمعية التي تم تعزيزها في إطار شراكات مؤسساتية، و تعد رافعة أساسية لمحاربة الهدر المدرسي و تفعيل إلزامية التعليم.
كما أشار إلى الأهمية التي توليها الوزارة لآلية اليقظة داخل المؤسسات التعليمية و أنشطة الحياة الدراسية، لدورها المحوري في الحد من الإنقطاع المدرسي.
و ثمن الوزير مساهمة مختلف الشركاء المؤسساتيين و المجتمع المدني، داعيا إلى ترصيد النتائج المحققة و المجهودات المبذولة من حيث رصد الأطفال المنقطعين و غير المسجلين و إعادتهم إلى مقاعد الدراسة و التصالح مع مسارهم التربوي و التكويني.
من جهتها، يضيف البلاغ، أكدت سفيرة الإتحاد الأوروبي بالمغرب، باتريسيا يومبارت كوساك، أن “التربية حق أساسي و أولوية في الشراكة الموثوقة و المستقرة بين الإتحاد الأوروبي و المغرب”.
و أضافت أنه “و في إطار برنامج دعم التربية و التكوين (PIAFE)، نواكب المبادرات الملموسة مثل قافلة التعبئة المجتمعية التي نظمت في جهة بني ملال-خنيفرة من أجل مكافحة الهدر المدرسي”، مشيرة إلى أنه “عندما نعطي للشباب و خاصة للفتيات و الفئات الأكثر هشاشة الوسائل الضرورية لإتمام مسارهم التربوي، فإننا نساهم في بناء إقتصاد مزدهر و مجتمع أكثر قدرة على الصمود”.
من جهة أخرى، أشار البلاغ إلى أن اليقظة التربوية بواسطة التعبئة المجتمعية داخل المؤسسات التعليمية و في محيطها المباشر تعتبر من البرامج الوقائية المعتمدة من طرف الوزارة، قصد إعمال إلزامية التعليم الأساسي والحد من ظاهرة الإنقطاع عن الدراسة في صفوف الأطفال و اليافعين.
و أضاف أنه يتم تنفيذ التعبئة المجتمعية سنويا عبر عمليتين متكاملتين هما عملية “من الطفل إلى الطفل” لرصد الأطفال و اليافعين الموجودين خارج المدرسة التي تتم خلال الفترة الأولى (مارس – ماي)، ثم عملية قافلة الإدماج المباشر للأطفال و اليافعين المنقطعين عن الدراسة الذين تم رصدهم، و التلاميذ غير المسجلين أو المنقطعين، التي تتم خلال الفترة الثانية (نهاية يونيو – منتصف نونبر).
و ترتكز هاتان العمليتان على أنشطة و حملات التعبئة و التواصل و التدخل لمعالجة أسباب الهدر، حيث تعرف إنخراط مختلف الشركاء في محيط المؤسسة، من ممثلي رئاسة النيابة العامة، و ممثلي وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية و وزارة التضامن و الإدماج الإجتماعي و الأسرة و سلطات محلية و جماعات ترابية و جمعيات المجتمع المدني.
و من بين مستجدات مرحلتي التعبئة المجتمعية لسنة 2024، وفق المصدر ذاته، تطوير مقاربات و أدوات تواصلية مبتكرة للحد من الهدر المدرسي، عبر الإستفادة من الإمكانيات التي توفرها الوسائل الرقمية و وسائط التواصل الإجتماعي و الإعلام المحلي و الوطني، و الإعتماد بالأساس على إشراك جميع الفاعلين الميدانيين منذ مرحلة إعداد الحملة التواصلية و حتى نهايتها.
و تم تنزيل هذا المشروع بالأكاديمية الجهوية للتربية و التكوين بجهة بني ملال خنيفرة، في إطار الدعم التقني الذي يقدمه الإتحاد الأوروبي لقطاع التربية الوطنية من خلال البرنامج المندمج لدعم التربية و التكوين (PIAFE).
و أشار البلاغ إلى أنه ومن بين النتائج المسجلة خلال عملية التعبئة المجتمعية “من الطفل إلى الطفل”، مشاركة أكثر من 70 في المائة من المؤسسات التعليمية، و إستفادة حوالي مليون و 323 ألف تلميذ(ة) و يافع(ة) من حصص دراسية تحسيسية حول ظاهرتي عدم التمدرس و الإنقطاع عن الدراسة، فيما بلغ عدد الأطفال و اليافعين الموجودين خارج المدرسة الذين تم التعرف عليهم و التواصل معهم مباشرة من خلال إجراء البحث الميداني 94.212 تلميذ(ة) و يافع(ة)، تشكل الإناث منهم نسبة 44 في المائة، فيما يوجد 58 في المائة منهم بالوسط القروي.
و حسب البلاغ فإنه بفضل التعبئة الإستثنائية و المشاركة الوازنة لمختلف الشركاء المؤسساتيين، خاصة ممثلي النيابة العامة و ممثلي القطب الإجتماعي و السلطات المحلية، حققت عملية قافلة الإدماج المباشر للمتعلمات و المتعلمين المنقطعين عن الدراسة نتائج جد مهمة خلال الموسم الحالي 2024/2025، لافتا إلى أن نسبة مشاركة المؤسسات التعليمية بأسلاكها الثلاثة بلغت 93,5 في المائة، مما مكن من إسترجاع نسبة كبيرة من الأطفال و اليافعين الذين تم رصدهم في العملية الأولى.
و سجل أن هذه القافلة، و بتنسيق مع التمثيليات الجهوية لرئاسة النيابة العامة، منذ بداية الموسم الدراسي 2024/2025، قد سمحت بتسوية وضعية 5726 حالة للأطفال غير المسجلين بالحالة المدنية و تسليم 4.121 شهادة المغادرة للأمهات في حال نزاع مع الزوج، و الحد من زواج 158 قاصرا.
و أعربت الوزارة، في ختام البلاغ، عن شكرها و تقديرها لكل شركائها و للفاعلين التربويين و كل من ساهم في إنجاح الحملات التحسيسية من أجل النهوض بتربية و تعليم جميع الأطفال دون تمييز، كما نوهت بالنتائج التي تم تحقيقها، داعية إلى مزيد من التعبئة المجتمعية لدعم تمدرس جميع الأطفال و محاربة الهدر المدرسي.