يستعد المجلس الأعلى للحسابات لإطلاق جولة جديدة من عمليات التفتيش تشمل عددًا من الجماعات الترابية والإدارات العمومية، وذلك في إطار المهام الرقابية التي يضطلع بها لضمان توظيف الأموال العمومية في خدمة التنمية المستدامة والمصلحة العامة.
هذه الحملة التفتيشية تأتي في سياق وطني يتسم بارتفاع مطالب المواطنين والفاعلين بضرورة إحكام الرقابة على تدبير الشأن العام ومكافحة مظاهر الهدر وسوء التسيير.
ومن المنتظر أن تتطرق هذه العمليات إلى مراجعة طرق صرف الميزانيات ومدى احترام القوانين والمساطر المعمول بها، إلى جانب تقييم فعالية البرامج والمشاريع المنفذة وقياس أثرها الحقيقي على التنمية.
وسيكون التركيز واضحًا على ملفات الصفقات العمومية وتدبير الموارد البشرية، التي تشكل عادة بؤرًا لتسجيل التجاوزات والاختلالات.
كما ستحظى ملفات الجماعات التي سبق أن وردت أسماؤها في تقارير سابقة باهتمام خاص، قصد التحقق مما إذا كانت قد قامت بتصحيح ما سُجّل من ملاحظات، أم أنها استمرت في ممارساتها المخالفة للقانون.
الحملة الرقابية الجديدة تمثل رسالة قوية من المجلس مفادها أن لا تهاون مع المتورطين في التسيير العشوائي أو المتلاعبين بالمال العام، خاصة في ظل التوجه الرسمي نحو ترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة.
وتأتي هذه الخطوة في توقيت دقيق، مع اقتراب الدخول البرلماني والسياسي المرتقب بعد عطلة عيد الفطر، ما يضيف بعدًا استراتيجيًا للحملة قد يؤدي إلى إحالة ملفات ثقيلة على محاكم جرائم الأموال، ويفتح الباب أمام المحاسبة القضائية الصارمة.
وفي ظل هذه المستجدات، تبقى الأنظار متجهة نحو نتائج هذه الحملة وما ستسفر عنه من تقارير قد تهز كيانات جماعية ومؤسسات عمومية، خاصة تلك التي لم تتمكن من تدارك اختلالاتها أو تجاهلت التوصيات السابقة، وهو ما من شأنه أن يعيد تشكيل مشهد التدبير المحلي ويعزز الثقة في مؤسسات الرقابة الوطنية.