كشف تقرير حديث صادر عن منصة “الطاقة” المتخصصة عن الدور المحوري الذي يلعبه قطاع التعدين في الاقتصاد المغربي، مؤكداً أن المملكة تُعزز موقعها كقوة منجمية رائدة على مستوى القارة الإفريقية، بفضل تنوع ثرواتها المعدنية واستراتيجيتها في التحديث والرقمنة.
ويسلط التقرير الضوء على خمسة مناجم رئيسية تُجسد دينامية القطاع، وتبرز الإمكانيات الكبيرة التي يزخر بها التراب الوطني، بدءاً من الفوسفات إلى المعادن الاستراتيجية والنفيسة.
في صدارة هذه المناجم، يبرز منجم خريبكة كأكبر منجم للفوسفات بالمغرب، حيث يمثل نحو 70% من إنتاج مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط (OCP). ويتمتع المنجم بأهمية تاريخية باعتباره أول نقطة انطلاق للصناعة الفوسفاتية بالمغرب منذ عام 1921، وقد شهد تطوراً كبيراً في بنياته واستثماراته.
وفي نفس السياق، يُعد منجم الكنتور، الذي يضم موقعي ابن جرير واليوسفية، ثالث أكبر منجم فوسفات في العالم، حيث يحتوي على حوالي 37% من الاحتياطي الوطني. ويتميز هذان المنجمان باعتماد تقنيات حديثة، من بينها تقنية “التعويم العكسي”، ما يُتيح استغلال الفوسفات منخفض الجودة بكفاءة عالية.
أما في ما يتعلق بالمعادن الاستراتيجية، فيحظى منجم بوعازر بمكانة بارزة كمصدر رئيسي للكوبالت النقي، الذي يُعد عنصراً أساسياً في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية. ويزود المنجم شركات كبرى مثل “بي إم دبليو” بمادة الكوبالت، على الرغم من التحديات البيئية السابقة المتعلقة بتلوث المياه، والتي نفت الشركة المستغلة “مناجم” وجود أي خروقات بيئية بشأنها.
وفي مجال المعادن النفيسة، يُعد منجم إميضر بإقليم تنغير واحداً من أكبر مناجم الفضة في إفريقيا، حيث ينتج ما بين 200 و240 طناً سنوياً من الفضة بنسبة نقاء تصل إلى 99.5%. وقد ساهم بشكل ملموس في التنمية المحلية، لاسيما بعد التوسعات التي شهدها في التسعينيات، إلى جانب توفيره لفرص الشغل لفائدة الساكنة المجاورة.
من جهته، يُصنف منجم تيزرت للنحاس، الواقع في إقليم تارودانت، كمشروع استراتيجي عالي التقنية، بطاقته الإنتاجية المقدرة بـ3.6 مليون طن سنوياً. ويُرتقب أن يكون أول منجم رقمي بالكامل في المنطقة، بفضل شراكة مع الشركة السويدية “إيبيروك” لتزويده بأحدث التجهيزات الرقمية، ما يُكرس توجه المملكة نحو رقمنة الصناعة المنجمية.
ويؤكد التقرير أن هذا التنوع في الموارد الطبيعية، إلى جانب التوجه القوي نحو الابتكار والالتزام بالمعايير البيئية، يُشكلان أسس نموذج تعدين مغربي مستدام. كما يعزز مكانة المغرب كفاعل رئيسي في الاقتصاد الأخضر العالمي، ويدعم مساهمته في سلاسل التوريد الدولية لموارد الطاقة والتكنولوجيا النظيفة.