تناسل الإعتداء على الموظفين العموميين.. ظاهرة تستدعي التدخل العاجل

0

في الفترة الأخيرة، أصبح الاعتداء على الموظفين العموميين ظاهرة متزايدة تأخذ أشكالًا متنوعة. وتتراوح هذه الاعتداءات بين الجسدية واللفظية، وأحيانًا تمتد إلى أساليب أخرى أكثر تعقيدًا. والأمر الأكثر إثارة للقلق هو تحول بعض المؤسسات العمومية، إلى مسرح تستخدم فيه لتصفية الحسابات الشخصية بين الأفراد.

 

ولعل مشهد تعنيف سيدة في تمارة لرجل سلطة (برتبة قائد ملحقة دائرة) في واضحة النهار وأمام الملأ، مثالا على هذه الظاهرة المتعلقة باستهداف المؤسسات والمرافق العمومية والاعتداء على الموظفين العموميّين. يستوجب تدخلاً عاجلاً ومعالجة شاملة، بالنظر إلى الآثار السلبية التي تنجم عن هذا السلوك..

ومع تنامي وتيرة هذه الظاهرة ، بات من الضروري إجراء دراسات معمقة تسلط الضوء على جذورها وأبعادها المختلفة، فضلاً عن تحليل تداعياتها وتأثيراتها على المستويات الفردية والمؤسسية والمجتمعية على حد سواء.

تتجذر ظاهرة الاعتداء على الموظفين العموميين في شبكة مترابطة، من العوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. فمن ناحية، يرتبط هذا السلوك بضعف الوعي المجتمعي تجاه القوانين والأنظمة السارية، مما يؤدي إلى تآكل الشعور بالاحترام تجاهها.

ومن ناحية أخرى، تساهم الظروف الاقتصادية. والاجتماعية الضاغطة في تفاقم هذه الظاهرة. إذ يعمد بعض الأفراد إلى التعبير عن مشاعر الغضب والإحباط عبر اعتداءات موجهة ضد ممثلي المؤسسات الرسمية.

علاوة على ذلك، تلعب الصور النمطية السلبية المتأصلة. في الفكر الذهني المجتمعي  تجاه بعض الوظائف دورًا بارزًا في تعزيز هذه الظاهرة. مما يكرّس حالة من انعدام التقدير لهذه الفئات داخل المنظومة المؤسس.

تمتد تداعيات الاعتداء على موظفي الدولة إلى أبعاد متعددة تتجاوز التأثيرات المباشرة على الموظفين المستهدفين لتشمل المؤسسات والمجتمع بصورة أعمق.

فعلى المستوى الشخصي، تُلقي هذه الاعتداءات. بثقلها على العامل النفسي للموظفين، مما يؤدي إلى تراجع شعورهم بالتحفيز والرضا الوظيفي. الأمر الذي ينعكس بدوره على مستوى الأداء والكفاءة.

وعلى الصعيد المؤسسي، تتهدد الثقة المتبادلة. بين المواطنين والمؤسسات العامة، ما قد يقود إلى اهتزاز استقرار البناء الإداري. ويضعف من انسجام المنظومة التنظيمية التي تستند إليها المجتمعات المتحضرة.

إن تعزيز منظومة القيم المجتمعية التي تؤكد .أهمية احترام دور الموظفين العموميين يعكس إحدى الخطوات الأساسية لمعالجة هذه الظاهرة وحماية الاستقرار المؤسسي.

ومع ذلك، يبقى التساؤل مطروحاً عما إذا كان استقرار الأنظمة. يعتمد حصراً على هذه المبادرات التصحيحية، أم أنه يستوجب بناءً أكثر شمولية للاعتراف المجتمعي بأهمية هذه الأدوار وإسهاماتها الجوهرية في خدمة الصالح العام.

أضف تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد