في تطور لافت يمس مصداقية واحدة من أعرق المباريات الوطنية تفجرت خلال الأسبوع الأخير قضية حذف مفاجئ لأسماء 13 طالبًا من لائحة الناجحين في المباراة الوطنية المشتركة لولوج المدارس العليا للمهندسين (Concours National Commun – CNC)، وسط صمت رسمي وتبريرات غامضة أثارت موجة من الغضب والاستياء لدى الطلبة وأولياء أمورهم.
بتاريخ 25 من الشهر الجاري، نشرت المنصة الرسمية لمباراة CNC لائحة أولية للطلبة المقبولين لاجتياز المرحلة الشفوية، وضمت أسماء 99 مترشحًا ناجحًا. وكما جرت العادة، تلقى الطلبة النتائج بترقب وقلق، قبل أن تتحول هذه المشاعر إلى فرحة عارمة بعد تأكيد نجاحهم. وبدأت الاستعدادات المكثفة من طرف هؤلاء المترشحين لاجتياز الشفوي، في أجواء عائلية يسودها الفخر والاطمئنان، غير أن الفرحة لم تدم طويلاً، فبعد ساعات أو أيام فقط، تفاجأ العديد منهم بلائحة جديدة منشورة، لا تضم سوى 86 اسما، ما يعني أن 13 طالبًا تم إقصاؤهم دون سابق إنذار، ودون أي بلاغ توضيحي رسمي من الجهات المعنية.
جريدة الحدث بريس تواصلت مع عدد من الطلبة المتضررين، وأكد أحدهم أنه قام شخصيًا بتحميل اللائحة الأولى فور صدورها، واحتفظ بنسخة منها (والتي تتوفر الجريدة على نسخة أصلية منها تؤكد صحة كلامه). وأضاف الطالب: “كنت من بين الناجحين، فرحت وفرّحت عائلتي، بدأنا نُحضّر للمرحلة الشفوية، وكنت أطمح للولوج إلى مدرسة مهندسين مرموقة… وفجأة تمّ حرماني دون أي مبرر، وكأن الأمر لا يعنينا.” وتقاطعت التصريحات مع روايات أخرى لطلبة يعيشون صدمة نفسية حقيقية، حيث عبّر بعضهم عن شعور بالخذلان والانهيار، بعد أن ذاقوا طعم النجاح ليتم حرمانهم منه لاحقًا، بطريقة وصفوها بـ”المهينة وغير العادلة”.
و في تصريح حصري للجريدة، قال والد أحد الطلبة المقصيين: “اتصلت بالمدير المركزي للمباراة واستفسرته عن المشكل، فكان جوابه أن ما وقع ناتج عن خلل في النظام المعلوماتي… وأحالني على فرع اللجنة في مدينة وجدة (مكان اجتياز ابني للامتحان)، وهناك أعادوا نفس التبرير.” لكن، وكما تساءل عدد من الآباء والطلبة، كيف يمكن لمباراة وطنية بهذا الحجم والحساسية أن تقترف خطأ معلوماتيا بهذا الشكل دون تداركه بشكل احترافي أو على الأقل تقديم توضيح رسمي للمترشحين المتضررين.
إن ما حدث يفتح الباب أمام عدة تساؤلات مشروعة: كيف تم اعتماد لائحة أولى، ونشرها رسميًا، قبل سحبها دون إشعار؟ لماذا لم يتم إصدار بلاغ رسمي من إدارة CNC توضح فيه ما حدث؟ هل هناك مسؤولية تقع على عاتق المشرفين على الفرز أو النشر الإلكتروني؟ وهل يعقل أن مؤسسة عليا تخرج منها أطر الدولة ومهندسو المستقبل، لا تملك نظامًا معلوماتيًا مؤمنًا ومدققًا قبل النشر؟ بل الأكثر من ذلك، فإن بعض المصادر داخل الأوساط التربوية لم تستبعد فرضية “التلاعب أو تدخلات فوقية” لتعديل نتائج الشفوي بشكل انتقائي، وإن لم يتم تأكيدها رسميًا.
و رغم حالة الغضب الواسعة، لم تُصدر إدارة المباراة، ولا وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، أي توضيح رسمي إلى حدود الساعة.
هذا الصمت، زاد من الشكوك وعمّق الإحساس بالظلم لدى المترشحين المتضررين. في المقابل، بدأت تتعالى أصوات تطالب بفتح تحقيق فوري في الموضوع، وإعادة النظر في نتائج المباراة، أو على الأقل إنصاف الطلبة الـ13 الذين تم حرمانهم بشكل غامض.
يبقى الأمل معقودًا على أن تتحرك الجهات الوصية بجدية، وأن يتم فتح تحقيق شفاف ومسؤول، يعيد الاعتبار للضحايا، ويُجنّب مؤسساتنا التعليمية العليا أن تتحول إلى مصدر إحباط بدل أن تكون بوابة أمل.