الحدث بريس ـ هشام قدوري
استُقبلت ساكنة مدينة جرسيف بداية شهر مارس الجاري بكارثة طبيعية، والمنطقة ما تزال كباقي المدن المغربية لم تخرج بعد من انعكاسات جائحة كورونا، بحيث انطلقت بعواصف رعدية قوية تبعتها أمطار غزيرة، وانتهت بفيضانات بفعل ارتفاع منسوب المياه، أدت إلى سيول جارفة أتت على كل ما صادفته في طريقها من أزبال خارج أبواب المساكن و المتاجر، في مشاهد مخيفة بعد تراجع حدة المطر، تاركة أكوام من الحجارة جرفتها المياه، مخلفة خسائر مادية باهظة.
وتسببت الكارثة في أضرار مادية فادحة في الممتلكات والبنى التحتية، و ثلوث بيئي جعل المساحات الخضراء مغطاة بالأوحال، إضافة إلى تأخير أو تعطيل حركة مرور السيارات وتعليق الدراسة ببعض المؤسسات التعليمية بالضواحي والقرى، حيث أن المياه التي غمرت الطرقات و الشوارع و القناطر أدت إلى تعطيل مختلف الخدمات المحلية أو بتأخيرها، وبعض الشوارع الرئيسية التي غمرتها المياه وأصبحت مقطوعة في وجه حركة السير بفعل تكدس الأزبال، بالإضافة إلى ما غمرته المياه في الشوارع الرئيسية.
كما داهمت المياه في طريقها عدد من المنازل بعدة أحياء، و كانت كافية لإحداث كل هذه الخسائر الجسيمة، وإرعاب الساكنة، وغالبا ما تشهد المنطقة ظواهر طقس متقلبة وعواصف رملية ومعدلات سقوط الأمطار غير مستقرة.
ويرجح أنه من الأسباب الذي ساهمت في الكارثة، عدم استيعاب قنوات الصرف الصحي كمية الأمطار المتساقطة، وتحويل بعض مجاري المياه إلى مناطق خضراء لصغر حجمها، و بناء قناطر باستعمال قنوات صغيرة لتصريف المياه، كما تسببت أيضا في انقطاع التيار الكهرباء في بعض الأحياء.
يشار إلى أن المدينة شهدت عرقلة لحركة السير و الجولان، وانسداد قنوات مياه الصرف الصحي مما أدى إلى ظهور برك مائية كبيرة، بمجموعة من النقط السوداء أبرزها المرور تحت أرضي بالطريق الرئيسية الرابطة بين طريق وجدة وطريق صاكة الذي يعرف أكثر من مرة فيضانات في قناة الصرف الصحي، مما صعب قيادة السيارات على طرقات تغمرها المياه و التي تكون أحيانا السبب الرئيسي لحصول وفيات خلال الفيضانات، حيث يقدم أشخاص على ولوج طرقات تعمها الفيضانات.
وتسببت الأمطار التي هطلت والذي يعادل منسوبها تساقطات شهر، في انهيار جزئي للجدران الخارجية لبعض البنايات والمرافق العمومية وإتلاف العديد من التجهيزات، ولم ينجوا أصحاب المتاجر من خسائر مادية زادت من معاناتهم إثر جائحة كورونا و تداعيات حالة الطوارئ الصحية.
وأيضا، شهدت المدينة نفسها تعثر مجموعة من المشاريع بخصوص البنية التحتية، حيث عرفت هذه التساقطات المطرية عورة التأهيل الحضري على مستوى حاضرة الإقليم، كما استنكر العديد من المواطنين هذه اللامبالاة من طرف المسؤولين بالمدينة، مطالبين إياهم بوضع حد لمشاكل البنية التحتية ومعانتهم عند نزول قطرات الغيث.
وتطالب ساكنة بعض الأحياء برفع الضرر الذي يلحقها من الأزبال المترامية الغير المُفرغة، وما ينبعث منها من روائح كريهة، وما تصدره من حشرات لاذعة، مما يؤثر على الساكنة خصوصا الأطفال الصغار والرضع، و أصبح السكان ما بين مطرقة الروائح الكريهة و الحشرات، وسندان الإختناق نظرا لانتشار حاويات القمامة غير المفرغة التي أصبحت بؤرا سوداء لانبعاث وتفريخ البعوض، مشيرين إلى أنهم مقبلين على فصل الصيف، الذي ترتفع فيه درجات الحرارة مما فاقم الوضع، ويضطر سكان جرسيف إلى إغلاق النوافذ لصد الروائح الكريهة وهجوم البعوض.
وما يكشف بالملموس تقاعس ولا مبالاة المسؤولين للشأن المحلي في أداء واجبهم على أكمل وجه، الحالة التي تستوجب تظافر وتضاعف جهود أعوان النظافة إلى جانب الساكنة من أجل إعادة الحياة للمدينة المتضررة من هذه الكارثة الطبيعية، ولن ننسى دور السلطات المحلية الساهرة على الشأن العام للمنطقة للخروج من هذه المحنة التي تبقى عالقة في أذهان سكان المدينة، والتي تعد أسوأ أيام لم يشهدها مند سنين عديدة.
وقد تم تنزيل نشرة جوية إنذارية في الموضوع بخصوص الأيام المقبلة، الشيء الذي يتطلب أخذ الحيطة و الحذر، و في هذا الإطار تطالب الساكنة مدبري الشأن العام بالمدينة بالعمل على إعادة تأهيل البنية التحتية، مع اقتراح مشاريع مندمجة للتأهيل الحضري بهدف تقوية دور المنطقة، و تعزيز برنامج التنمية الإقتصادية و الثقافية و الرياضية و الحضارية للجماعة، و خلق ملاعب القرب للشباب.
يذكر أن العديد من الطرقات لازالت غير معبدة ليزيد فوضوية وانتشار التجمعات السكنية المشتتة و دون شبكة معبدة للطرقات، وعدم توفر الماء و الكهرباء و قنوات الصرف الصحي في بعض الأحياء، نهيك عن الإنقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي في العديد من الأحياء السكنية وحتى بالشوارع الرئيسية.