تابع المكتبُ السياسي لحزب التقدم و الإشتراكية، بقلقٍ عميق، المشاهد الصادمة لمحاولات القيام بهجرة جماعية إنطلاقاً من مدينة الفنيدق عبر معبر سبتة المحتلة، من طرف آلاف الشباب و القاصرين، مغاربة و من جنسياتٍ أخرى، و ذلك تفاعلاً منهم مع نداءاتٍ مجهولة المصدر و الخلفية.
إن حزبَ التقدم و الإشتراكية، إذ يحيي السلطات الأمنية المغربية على مجهوداتها الكبيرة للتصدي لهذه المحاولات، فإنه يؤكد على أن هذه الواقعة الصادمة تشكل مُساءلةً حقيقية لكل الفعاليات و المؤسسات وا لوسائط المجتمعية و جميع دوائر القرار، حول نجاعة السياسات العمومية المنتهجة ببلادنا، و درجة إدماج و إنخراط و تَمَلُّكِ جميع شرائح المجتمع، و لا سيما فئة الشباب، للمسار التنموي الوطني.
و الأهم الذي ينبغي التركيزُ عليه أكثر هو تلك الرغبةُ العارمة التي باتت تسكنُ عدداً كبيراً من شبابنا في مغادرة بلادهم و لو نحو آفاقٍ غامضة، فقط انطلاقاً من رفض واقعهم المتسم بكثيرٍ من المعاناة وانسداد الآفاق.
على هذا الأساس، فإن حزبَ التقدم و الإشتراكية يؤكد على أن بلادنا، رغم كل المكتسبات التي حققتها، فإنها ما زالت في حاجة إلى مزيدٍ من الإجتهاد لأجل توفير شروط العيش الكريم للجميع، و تحرير طاقات كافة بناتها و أبنائها في كل ربوع الوطن، و إلى إستعادة الثقة، و إلى مصداقية المؤسسات، و إلى مُصالحة الشباب مع الشأن العام، و إلى توسيع فضاء الحريات و الديموقراطية، و إلى تصحيح المسار الإقتصادي و تقوية القدرات الإنتاجية، و إلى خلق فرص الشغل اللائق، و إلى توفير شروط تعليمٍ جيد و نظامٍ صحي ناجع، و إلى إقرار العدالة الإجتماعية و الإنصاف المجالي، و إلى التوزيع المتكافئ للثروات.
إنها في المجمل التوجهاتُ التي دافع عنها دائماً حزبُ التقدم و الإشتراكية، و التي تلتقي في العديد من جوانبها مع توجُّهات النموذج التنموي الجديد الذي دعا إليه جلالةُ الملك، بالنظر إلى إستنفاذ النموذج التنموي المعتمَد من طرف بلادنا لمدة عقود طويلة لذاته، و الذي توافقت عليه مكوناتُ الأمة و تخلت عنه الحكومة الحالية.
فعلى الرغم من المكتسبات العديدة التي تحققت في شتى المجالات، إلا أن نقائص عميقة و متعددة ظلت و لا تزال قائمةً، و من بينها تفاقُمُ الفوارق المجالية الصارخة، و بقاءُ ملايين المواطنات و المواطنين على هامش عجلة التنمية، و أساساً منهم الشباب الذين تتعمق معاناتهم و يوجد الملايين منهم في وضعية “لا شغل، لا تكوين و لا تعليم”.
إن هذه الأوضاع تقتضي المراجعة العميقة لعددٍ من التوجهات التي تسيرُ عليها الحكومة الحالية، المُطالَبَة بالإنتباه إلى نبض المجتمع، عوض الإستمرار في الغياب السياسي و الصمت التواصلي المُدوِّي، و عوض التَّــــبَــجُّــــحِ بإنجازاتٍ إقتصادية و إجتماعية يُكَـــــذِّبُها الواقعُ المتسم بغلاء الأسعار و إفلاس المقاولات و الإرتفاع غير المسبوق لمعدلات البطالة و التعثر في معالجة عدد من الملفات الإجتماعية، و عوض التعبير عن الإرتياح المفرط و الرضى عن الذات في تجاهلٍ تام لمعضلة التراجع المُــخيف لِـــنِــــسَـــبِ المشاركة السياسية.
بناءً على كل ذلك، فإن حزب التقدم و الإشتراكية يجدد نداءه من أجل تفعيل جيل جديدٍ من الإصلاحات الإقتصادية و الإجتماعية و السياسية، لضمان إدماج كافة المواطنات و المواطنين في مسار البناء التنموي الوطني، و الإستفادة المتكافئة و العادلة من ثمراته، و ضخِّ نَفَسٍ ديموقراطي و حقوقيِّ جديد في فضائنا السياسي الوطني، و فتح آفاق الأمل و إسترجاع الثقة، و توفير شروط الكرامة، و تقوية روابط الشعور بالإنتماء إلى الوطن، و تعزيز عوامل التعلق به، و تملُّك مشروعه المجتمعي.