أصدر المجلس الوطني لحقوق الانسان، أول أمس اليوم الاثنين مذكرة بعنوان “الحق في الماء: مداخل لمواجهة الإجهاد المائي بالمغرب”، استند في إعدادها على تقييم عناصر السياسات المائية المعتمدة، ودعا إلى بناء تصور للحد من إشكالية الإجهاد المائي، وكذا اعتماد سياسة عمومية تهدف إلى إيجاد حلول آنية مستعجلة.
وقالت رئيسة المجلس آمنة بوعياش في تقديمها للمذكرة، إن المجلس ارتأى “مقاربة الحق في الماء، اعتمادا على مبادئ وملاحظات المنظومة الدولية بمساءلة الإجراءات الاستعجالية للحكومة لمواجهة التداعيات الانية للإجهاد المائي وتستند على رؤية تميز بين الخيارات الاستراتيجية التي يتطلب تنفيذها وبناء تصورات ومخططات على المديين المتوسط والبعيد من جهة، ومجموعة من الإجراءات المستعجلة الموجهة لمحاصرة الإجهاد المائي وإيقاف استنزاف الموارد المائية لبلادنا من جهة أخرى”.
وأوضحت المذكرة أن ظاهرة الإجهاد المائي بالمغرب تعمقت، و أدت إلى انخفاض موارد المياه المتجددة المتاحة من 2560 مترًا مكعبًا إلى حوالي 620 مترًا مكعبًا فقط للفرد سنويًا بين عامي 1960 و2020، وهو ما جعل البلاد تدخل في وضعية “إجهاد مائي هيكلي”.
وأكدت أن موجة الجفاف الحالية، والتي لم تشهدها البلاد منذ 40 عاما، جعلت مشكلة التزود بالماء تتحول إلى إحدى أهم أولويات السياسات العمومية خلال سنة 2022،
وعلى مستوى الخيارات الاستراتيجية، دعا المجلس إلى بناء تصور للحد من إشكالية الإجهاد المائي على المدى المتوسط والبعيد، وذلك من خلال الاشتغال على ستة محاور استراتيجية، أولها في التعاطي مع الجفاف باعتباره معطى بنيويا وليس ظرفيا، وكذا أولوية الأمن الغذائي وحماية حق الأجيال القادمة في الثروة المائية، وإعادة النظر في نموذج النمو القائم على مركزية القطاع الفلاحي، مشيرا إلى أن دعم وتطوير القطاعات الفلاحية القادرة على التكيف مع السنوات الجافة وكذا القطاعات الاقتصادية الأقل استنزافا للموارد المائية حلا استراتيجيا لمواجهة ظاهرة الاجهاد المائي.
ومن بين المحاور الاستراتيجية أيضا تعزيز الاهتمام بالبحث العلمي حول قضايا المناخ والماء، وتحسين حكامة قطاع الماء واعتماد رؤية مؤسساتية تسمح بإرساء نظام مؤسساتي موحد، فضلا عن عقلنة وترشيد الاستهلاك المنزلي للماء.
وعلى المستوى الإجرائي المستعجل دعت مذكرة المجلس إلى اعتماد سياسة عمومية تهدف إلى إيجاد حلول آنية مستعجلة، وذلك عبر الاشتغال على عدة محاور، كالبحث عن بدائل لبعض الزراعات المستهلكة للماء بكثرة، ومراجعة النموذج الزراعي المعتمد والموجه للتصدير، ووضع لائحة للمنتجات الزراعية المستنزفة للماء لتقنين إنتاجها أو حظرها إذا اقتضت الضرورة.
وكذا إدماج كلفة الماء في النموذج الاستثماري المعتمد، وتفعيل المسؤولية المجتمعية للمقاولات لحماية الثروة المائية، وبناء قاعدة بيانات محينة حول الموارد المائية، ومكافحة تلوث المياه عبر تعميم الصرف الصحي ومعالجة المياه العادمة.
ودعت المذكرة أيضا إلى الحد من الاستغلال المفرط للمخزون الاستراتيجي من المياه الجوفية، وإقرار منع صارم لعمليات الحفر واستغلال الآبار بطريقة غير قانونية، وتحديد كلفة مالية لاستغلال المياه الجوفية حسب المناطق، وإعداد جرد دقيق لها، مع اعتماد توزيعها بشكل عادل بين الأجيال، وحمايتها من التلوث.
وطالبت أيضا بتوسيع اعتماد تقنية “تحلية مياه البحر”، لمواجهة الطوارئ المائية ولضمان الحق في الماء لكافة المواطنين.