أثار ظهور الممثلة المغربية دنيا بوطازوت في عدد من الأعمال التلفزيونية خلال شهر رمضان جدلًا واسعًا في الأوساط الفنية والإعلامية، حيث تم اتهامها بـ”احتكار الشاشة” و”تهميش باقي الممثلين”. وفي خضم هذا الجدل، خرجت بوطازوت عن صمتها، مدافعة عن نفسها، مؤكدة أن التمثيل هو مهنتها التي درستها لسنوات وأن ظهورها في عدة أعمال تلفزيونية ليس أكثر من نتيجة طبيعية لعملها وجهدها المهني. وشددت على أن الممثلين يجب أن يُسمح لهم بالعمل في أكثر من إنتاج في الموسم نفسه، خاصة أن هذا يعتبر جزءًا من طبيعة المجال الفني.
ومع ذلك، لم تمر تصريحات بوطازوت مرور الكرام، حيث رد الناقد الفني فؤاد زويريق بنقد حاد، معتبرًا أن العمل في عدة إنتاجات مدعومة من المال العام يجب أن يكون متاحًا للجميع، وليس مقتصرًا على أسماء بعينها. واعتبر أن الدعم العمومي للفن هو حق لكل الفنانين وليس امتيازًا لفئة محدودة، مشددًا على ضرورة إعادة النظر في طريقة توزيع الفرص الفنية بشكل عادل.
هذه القضية تفتح النقاش حول أسس توزيع الدعم العمومي في المجال الفني، الذي يُعتبر أداة أساسية لدعم الإنتاجات المغربية. فعلى الرغم من أن العديد من الفنانين يراهنون على هذا الدعم لاستكمال مشاريعهم وتحقيق النجاح، فإن تركيز الدعم على فنانين معينين يشكل تحديًا حقيقيًا للمساواة داخل القطاع. فبينما يستفيد بعض الأسماء الكبيرة من فرص عديدة، يبقى العديد من الفنانين الصاعدين دون فرص متساوية، وهو ما يثير تساؤلات حول مصداقية توزيع الدعم وشفافيته.
من جهة أخرى، تبرز المسألة الثقافية والاجتماعية حول مفهوم “الاحتكار” في الفن. في العديد من المجالات الإبداعية، من الطبيعي أن يبرز بعض الأسماء التي لها قاعدة جماهيرية واسعة، وهذا يساهم في حجز أماكن لهم في الأعمال المدعومة من المال العام. لكن السؤال يبقى: هل يجب أن تقتصر الفرص على هؤلاء الفنانين الأكثر شهرة، أم يجب أن يتمكن جميع الفنانين من الحصول على فرص متساوية بغض النظر عن شهرتهم؟
تتطلب هذه القضية إعادة تقييم شاملة لمفهوم الدعم العمومي وكيفية توزيعه بين جميع الفنانين، لضمان أن الجميع يحصل على فرصة عادلة للمشاركة في المشهد الفني. ففي النهاية، فإن الفن ليس مجرد صناعة، بل هو جزء من الهوية الثقافية ويجب أن يُنصف جميع المبدعين فيه، بغض النظر عن مكانتهم أو شهرتهم.