الحدث بريس // ذ.محمد الطيبي محامي بالرشيدية
على خلفية تأجيل دورة اكتوبر 2020 و التي دعا لها السيد رئيس المجلس الجهوي لجهة درعة تافيلالت كما ينص على ذلك القانون و التي اجلت لعدم اكتمال النصاب القانوني ؛ خرج السيد رئيس المجلس الجهوي بتصريح صحفي عبر فيه عن وجهة نظره حول عدم حضور اعضاء المعارضة أشغال هذه الدورة .
و بالرجوع لما جاء في تصريح السيد الحبيب الشوباني على خلفية عدم حضور عضوات و اعضاء المعارضة للدورة ان المجلس -حسب تعبيره- ليس بشركة لاقتسام الارباح بل هي مؤسسة منتخبة و ان الأمر عادي و يقتضي تواجد اغلبية و معارضة بالمجلس و التي يجب أن تتوفر على بدائل و مقترحات و عليها الحضور للتداول و ابداء وجهة نظرها في جدول الاعمال و الذي تضمن حسب قوله مجموعة من المشاريع المختلفة التي بلغ غلافها المالي ملياري درهم تهم احداث مدينة للمهن و الكفاءات و مشاريع بناء القناطر و استكمال برنامج تقليص الفوارق المجالية و دعم التعاونيات و الفرق الرياضية و غيرها.
و قد اعتبر السيد الشوباني عدم حضور المعارضة لدورة اكتوبر و الذي بسببهم لم يتحقق النصاب القانوني بمثابة اخلال بالواجب و سلوك لا علاقة له بالديمقراطية و التنمية و عرج على كون دورها يتمثل في تقديم البدائل و تطوير العمل و تعبير عن انشغالات المواطن و اعتبر عدم حضورها غير مفهوم و غير مبرر و في اخر تصريحه اشار الى كون الجهة لها ظروف مواتية للتنمية و تملك شروط الاقلاع و صرح ان ما يجمعه بالمعارضة ليس كونهم متحاربين بل متنافسين.
و للتعقيب على تصريح السيد الشوباني فان ذلك يقتضي أولا تحديد مفهوم المعارضة و التي تعتبر حقا ديمقراطيا مشروعا لكبح جماح الاغلبية التي قد تستبد بالشأن العام و تستأثر به لمصلحتها الخاصة و ان دورها يكمن في المراقبة و المساهمة في التدبير الامثل و تقديم اقتراحات و بدائل بناءة و ليس النقد بخلفيات سياسية ضيقة ؛ اذ عليها ان تتحلى بالرزانة السياسية و الحلول الموضوعية و المسؤولية المدنية تجاه حقوق الساكنة و خلق نوع من التكامل بينها و بين الاغلبية و قد حددت المحكمة الادارية بالرباط ان المعارضة هي قوة سياسية تتخذ موقفا سياسيا و تدبيريا مغايرا لموقف الاغلبية بخصوص اساليب التدبير و ذلك بغاية تغيير سلوك الاجهزة المسيرة خدمة للمصلحة العامة.
و إذا كان السيد الرئيس قد اعتبر عدم حضور عضوات و اعضاء المجلس غير مبرر و غير مفهوم بالنسبة إليه و للساكنة فلابد من تذكير السيد الرئيس لما مضى من سنين في عمر ولاية المجلس و التي كان يتوفر فيها على اغلبية عددية مريحة دون ان يولي المعارضة أي اهتمام و لم يمكنها من ابسط حقوقها في التعبير و من الحقوق و الادوار التي تحدث عنها في تصريحه الحالي ؛ و من شكك في ذلك ما عليه الا الرجوع للدورات منذ تشكيل المجلس و التي كان يتجبر فيها و لا يعترف بالمعارضة بل كانت تصل به الامور الى الاستهزاء و احتقار البعض بنبرات حادة مستغلا تحكمه في الميكرفون مستندا على اغلبيته العددية و التي لم يكن يظن يوما انها ستنقلب عليه ؛ فلو تشبع بما يتبجح به اليوم لما وصل الحال بالمجلس لما هو عليه الان من جمود و ركود لم يكن الا نتيجة تهوره و عدم احترامه لدور المعارضة.
و أكيد ان من تابع تصريحه الأخير سيلاحظ بالملموس تقلباته المزاجية بالاعتراف بالمعارضة و دورها و دعوتها للقيام بدورها بعدما مقتها و شلها لابع سنوات و لم يكترث لدورها المحوري و اقتراحاتها و التي نبهه اعضاءها مرارا و تكرارا دون ان تجد آذانا صاغية منه ؛ و لم يعترف لها بدورها الدستوري بل نكل بها و هدر الزمن التنموي في نقاشات هامشية لم تكن ابدا سببا في تعثر عمل المجلس بل جعلها مطية لتبرير فشله.
و إذا كان السيد رئيس المجلس يستغرب عن عدم حضور عضوات و اعضاء المجلس للدورة فان ذلك جاء بعد قراراته الانفرادية و غياب الاشراك مما اوصل المجلس للنفق المسدود اذ لم يكترث فيها لاي رأي بل تجاوز القانون في بعضها .
وإذا كان السيد الرئيس لا يعلم عدم اقلاع الجهة الفتية و يود تعليق ذلك على المعارضة فلابد من تذكيره كذلك انه دبر المجلس باغلبية مريحة لمدة اربع سنوات مرت بدون نتائج تذكر و لم تحقق مبتغى الساكنة و ظلت حبيسة مشاريع هدفها الاساسي سياسي يخدم حزبه و يلمع صورته لا اقل و لا اكثر.
و أخيرا و إذا كان السيد الرئيس مؤمنا بالديمقراطية و التي يصرح دائما كونه مؤمنا بها ؛ فلا سبيل للخروج من الازمة التي يعيشها المجلس خصوصا ان معارضة الأمس اصبحت اغلبية اليوم الا بالاستقالة و الرحيل بشرف رحمة بساكنة هذه الجهة التي احتضنته لسنين كبرلماني و وزير و انتخبته رئيسا لمجلسها الجهوي و الذي خيب امالها.