زيت الزيتون المغربي يعتبر من أبرز المنتجات الزراعية التي تتمتع بشهرة واسعة في الأسواق العالمية، خصوصًا في الاتحاد الأوروبي.
ورغم أن المغرب يُعد واحدًا من أكبر منتجي زيت الزيتون في البحر الأبيض المتوسط، فإنه يواجه تحديات كبيرة في تلبية احتياجات سوقه المحلي.
ففي حين أن صادرات المغرب إلى الاتحاد الأوروبي قد شهدت زيادة ملحوظة، حيث تم تصدير 841 طنًا في شهري أكتوبر ونونبر من موسم 2024/2025، فإن الأسعار في السوق المحلي شهدت ارتفاعًا كبيرًا، مما يثير استياء المواطن المغربي الذي يواجه صعوبة في الحصول على الزيت بأسعار معقولة.
النمو في صادرات زيت الزيتون المغربي يعكس نجاحًا في تعزيز مكانته في الأسواق العالمية، ولكن في الوقت ذاته، يشير إلى وجود فجوة بين الإنتاج المحلي والطلب المحلي.
على الرغم من أن المغرب حقق ارتفاعًا في صادراته من زيت الزيتون إلى الاتحاد الأوروبي، فقد أظهرت التقارير أيضًا تراجعًا طفيفًا في الإنتاج المحلي، إذ من المتوقع أن ينخفض إنتاج الزيتون في موسم 2024/2025 إلى حوالي 90 ألف طن، مقارنة بـ106 آلاف طن في الموسم الماضي.
هذا الانخفاض في الإنتاج يعكس أثر الجفاف والمناخ على المحاصيل، بالإضافة إلى الزيادة في تكاليف الإنتاج.
من جهة أخرى، يواجه المواطن المغربي معاناة حقيقية في الأسواق المحلية بسبب ارتفاع أسعار زيت الزيتون، حيث تجاوزت الأسعار 110 دراهم للتر الواحد، وهو أمر يثقل كاهل الأسر، خصوصًا في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.
يأتي هذا في وقت يعاني فيه المواطنون من زيادة في تكاليف المعيشة في مختلف جوانب الحياة، مما يجعل زيت الزيتون، وهو منتج أساسي في المطبخ المغربي، عبئًا إضافيًا على ميزانياتهم. الارتفاع الكبير في الأسعار يشير إلى أن السوق المحلي يواجه تحديات في توفر الكميات اللازمة رغم الإنتاج المحلي الكبير.
عوامل عدة تساهم في غلاء الزيت المحلي، منها زيادة تكاليف الإنتاج، حيث يواجه المزارعون ارتفاعًا في تكلفة المواد الأولية والعمل، بالإضافة إلى تأثيرات المناخ والتغيرات الجوية التي أدت إلى انخفاض الإنتاج في بعض المناطق.
في الوقت نفسه ، تبقى أسواق التصدير هي الوجهة الأساسية لمنتجات زيت الزيتون المغربي، حيث تتزايد الطلبات من الاتحاد الأوروبي ودول أخرى، مما يساهم في تفاقم النقص في السوق المحلي.
من المعروف أن زيادة الطلب على زيت الزيتون من الاتحاد الأوروبي قد ساعدت في تحقيق إيرادات كبيرة للمغرب، إلا أن هذا التحول في التركيز على التصدير قد يؤثر سلبًا على السوق المحلي.
وعلى الرغم من أن المغرب يسعى إلى تعزيز وجوده في أسواق زيت الزيتون العالمية، إلا أن التحدي يكمن في تلبية احتياجات السوق المحلي من نفس المنتج.
مع تزايد الحاجة إلى الاستفادة من السوق المحلي والعالمي، يتعين على المغرب إيجاد توازن بين تلبية الطلب المحلي ودعم الصادرات ، وهو أمر يتطلب سياسة اقتصادية رشيدة وجهودًا في تحسين الإنتاجية المحلية.
إن هذه القضية تبرز أهمية تطوير السياسات الزراعية في المغرب، خصوصًا في قطاع زيت الزيتون، من أجل تحسين الإنتاج المحلي وضمان استدامته.
يجب على الحكومة المغربية أن تعمل على تقديم الدعم للمزارعين، وتوفير التمويل اللازم لشراء التقنيات الحديثة وتحسين طرق الإنتاج، بالإضافة إلى معالجة التأثيرات المناخية على المحاصيل.
فإذا ما تم إرساء هذه السياسات، فقد يتمكن المغرب من تعزيز إنتاجه المحلي دون التأثير على صادراته، وهو ما سيعود بالنفع على جميع الأطراف، سواء على الاقتصاد المحلي أو على المستهلك المغربي.