قبل سبعين عاماً، وتحديدا في 18 نوفمبر، استعاد المغرب حريته بعد عقود من الحماية، معلنا بداية مرحلة جديدة في تاريخه المعاصر. لم يكن حدث الاستقلال مجرد انتقال سياسي، بل ثمرة مسار طويل شارك فيه الملك والشعب والمقاومة وجيش التحرير، وصاغوا من خلاله روح السيادة الوطنية التي ما تزال حاضرة اليوم.
برز الملك محمد الخامس خلال تلك الفترة كرمز للصمود، بعدما واجه سياسة الاستعمار الهادفة إلى طمس الهوية الوطنية، ورفض محاولات التجنيس وفصل المغرب عن محيطه العربي والإسلامي. وعندما نُفي سنة 1953 إلى كورسيكا ثم مدغشقر، تحولت غربته إلى قوة معنوية وحدَت المغاربة، وجعلت من مطلب عودته نقطة انطلاق نحو التحرر.
في المدن والقرى، كانت المقاومة تخوض معركتها بطريقتها الخاصة عبر عمليات فدائية وشبكات دعم سرية وتضحيات كثيرة لم تكتبها الصحف، لكنها بقيت راسخة في ذاكرة الشعب. وفي الجبال، حمل جيش التحرير البندقية وفتح جبهات قتال في الريف والأطلس، ما شكل ضغطا كبيرا على القوى الاستعمارية وساهم في تسريع الوصول إلى لحظة الاستقلال.
وعندما أعلن المغرب استقلاله سنة 1956، بدأت الدولة مساراً جديداً يقوم على بناء المؤسسات، وتوحيد التراب الوطني، وإصلاح الإدارة، وتحديث التعليم، وترسيخ مقومات السيادة. واستمرت هذه الدينامية عبر العقود لتصل اليوم إلى رؤية تنموية وإصلاحية واسعة.
إن استحضار ذكرى الاستقلال بعد سبعين عاما ليس مجرد احتفال تاريخي، بل دعوة لفهم مسار وطن شُيد بالصمود والإيمان، وتذكير بأن الحرية التي تحققت بالأمس هي مسؤولية يجب الحفاظ عليها اليوم.















