أطلقت صحيفة “إل فوليو” الإيطالية اليومية أول عدد في العالم مولّد بالكامل باستخدام الذكاء الاصطناعي. هذا العدد، الذي صدر في 18 مارس 2025، يمثل تجربة غير مسبوقة في عالم الصحافة، حيث يتم الاعتماد بشكل كامل على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في إنتاج المحتوى الصحفي، بدءًا من كتابة المقالات وصولًا إلى اختيار العناوين وتحليل الأحداث الجارية.
تأتي هذه المبادرة ضمن تجربة تستمر لمدة شهر، تهدف إلى استكشاف تأثير الذكاء الاصطناعي على أساليب العمل الصحفي. وفقًا لرئيس تحرير الصحيفة، كلاوديو سيرازا، فإن “إل فوليو” التي تمثل التوجه الليبرالي المحافظ، تهدف إلى عرض إمكانيات الذكاء الاصطناعي في المجال الصحفي وتحليل تأثيره على حياة العاملين في هذا المجال. هذه الخطوة تفتح المجال للتساؤلات حول كيفية تأثير هذه التكنولوجيا على مستقبل الصحافة والصحفيين أنفسهم.
العدد الأول المولّد باستخدام الذكاء الاصطناعي تضمن مجموعة من المقالات المتنوعة التي تناولت قضايا سياسية، اقتصادية واجتماعية، كلها تم صياغتها باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي. من أبرز المواضيع التي تم تناولها كان تحليل لخطابات رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، وكتابة مقال عن الاتصال الهاتفي بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين. كما تناول العدد مسألة تراجع الشباب الأوروبيين عن الالتزامات العاطفية المستقرة، وهو موضوع يعكس الاهتمام بالظواهر الاجتماعية الجديدة في العصر الرقمي.
في تجربة مبتكرة أخرى، تضمن العدد أيضًا مقاطع من رسائل القراء المولدة باستخدام الذكاء الاصطناعي، حيث طرح أحد القراء سؤالًا عن مستقبل البشرية في ظل تطور هذه التقنية، في حين جاء الرد مُولّدًا: “الذكاء الاصطناعي اختراع رائع، لكنه لا يزال يواجه صعوبة في طلب القهوة دون أن يخطئ في كمية السكر.” هذه الرسائل التي يبدو أنها تتمتع بشيء من الطرافة، تعكس كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتعامل مع الأسئلة الإنسانية بأسلوب مختلف.
بالنسبة لصحيفة “إل فوليو”، فإن هذه المبادرة لا تمثل مجرد استخدام للتكنولوجيا في مجال الصحافة، بل هي محاولة لفهم الحدود بين الذكاء الاصطناعي والذكاء البشري، وكيف يمكن دمجهما معًا لإنتاج محتوى صحفي مميز. على الرغم من التحفظات التي قد تثار حول إمكانية تراجع دور الصحفيين في المستقبل، فإن الصحيفة تسعى إلى إثبات أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة داعمة، وليس بديلاً للصحفيين.
في وقت تشهد فيه الصحافة العالمية تحولات كبيرة بفضل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، تواجه المؤسسات الإخبارية تحديات عدة تتعلق بحقوق الملكية الفكرية وكيفية ضمان جودة المحتوى الذي يتم إنتاجه. إلا أن تجربة “إل فوليو” تمثل نموذجًا لكيفية دمج التكنولوجيا مع الصحافة التقليدية بطريقة تدعم الابتكار وتفتح أفقًا جديدًا أمام العاملين في هذا المجال.