شكل موضوع “صناعة الثقافة و تحقيق التنمية الترابية المستدامة : قراءات متقاطعة” محور ندوة علمية نظمت أمس السبت بإمنتانوت بإقليم شيشاوة، بمشاركة ثلة من الأساتذة و الباحثين و المختصين.
و سعت الندوة التي نظمتها جمعية إمنتانوت للحوار الثقافي الفني ضمن فعاليات النسخة الرابعة عشر لمهرجان إمنتانوت للفن و الإبداع و التراث (10 -14 غشت)، إلى فتح النقاش و الحوار الجاد بين الأساتذة الباحثين و الممارسين و الفاعل الترابي و فعاليات المجتمع المدني، للبحث في سبل تطوير و إدماج المنظومة الثقافية و الإرتقاء بها بالشكل الذي يستجيب و جعلها مؤشرا لبلوغ التنمية الترابية المستدامة.
و أبرز المشاركون في الندوة أن موضوع صناعة الثقافة يشكل راهنية كبرى حيث أضحى يحتل مكانة الصدارة في النقاشات العمومية من مختلف مشاربها، مؤكدين على ضرورة إستثمار الموروث الثقافي الذي يتميز به المغرب ليكون قاطرة أساسية لبلوغ التنمية الترابية المستدامة، و ذلك من خلال إعتماد مقاربة تشاركية مع الفاعلين المدنيين السياسيين و مختلف الفرقاء الإجتماعيين.
و سجلوا أن المسألة الثقافية تعرف تطورا و تحولا بحسب الظرفية التي يعيشها المجتمع حيث برزت ضرورتها في فترة الأزمات، إذ أظهرت منظومة التقاليد و العادات و نمط الحياة و كذا بعض المعتقدات إنعكاسات على السلوك المجتمعي.
و إعتبر المتدخلون أن الصناعات الثقافية باتت تتأثر بالأجيال الجيدة للتكنولوجيا و التطور الرقمي و الذكاء الإصطناعي، مما يستلزم خلق نوع من التوازن الإيجابي بين الثقافي و الرقمي لحماية الرصيد الثقافي و الإرتقاء بالمستوى الحضاري من جهة، و بما يضمن مسألة الحفاظ على الهوية الثقافية للمجتمع المغربي من جهة أخرى.
و أشاروا إلى أن الصناعات الثقافية و الإبداعية تعد أسرع الصناعات نموا في العالم، حيث أثبتت مجموعة من الدراسات و التقارير أنها خيار لتحقيق التنمية المستدامة بإعتبارها تعتمد على مورد فريد و متجدد هو الإبداع البشري بوصفه كائنا إجتماعيا عاقلا منتجا لما هو رمزي و معبرا عن كينونته و ذاتيته، الأمر الذي يعطيه القدرة على وضع حلول و أفكار جديدة و مبتكرة، داعين إلى تعزيز تنوع المنظومة الثقافية من خلال إدماجها ضمن أهداف التنمية المستدامة.
و تناولت الندوة الأسس الفكرية و الفلسفية للثقافة و التنمية المستدامة، و المرتكزات الدستورية و التشريعية المؤطرة للحقوق الثقافية، و صناعة الثقافة و أدوارها في بناء السياسات العمومية و بلوغ التنمية المستدامة، و المناهج و الآليات المبتكرة لتثمين الموروث الثقافي، و دور الثقافة في زمن الأزمات، و صناعة الثقافة في ظل التحولات الرقمية و مسألة الهوية الثقافية.
يشار إلى أن مهرجان إمنتانوت للفن و الإبداع و التراث المنظم بشراكة مع المجلس الجماعي لإمنتانوت، المقام على مدى خمسة أيام، يتضمن سهرات فنية تجمع بين الأغنية الأمازيغية و الشبابية و الشعبية يحييها مجموعة من ألمع نجوم الأغنية المغربية بكل أصنافها، إلى جانب فرق فلكلورية محلية، فضلا عن عروض يومية في فن الفروسية التقليدية.