أكد رئيس “مؤسسة محمد الزرقطوني للثقافة و الأبحاث”، عبد الكريم الزرقطوني، أن ذكرى عيد الإستقلال المجيد هي “مناسبة نعيد من خلالها التأكيد على ثوابتنا المحصنة لمقدساتنا العليا، المتمحورة على أضلعها المترابطة، و هي الدين الإسلامي و الوحدة الترابية و المؤسسة الملكية”.
و أوضح المتحدث نفسه، في كلمة للمؤسسة بهذه المناسبة، “أن هذه الأضلع المتماسكة ظلت عنواننا الجماعي و حضننا الضامن لهويتنا التحررية على إمتداد القرون الطويلة الممتدة”، مضيفا أنه “إذا كنا نصر دائما على تنظيم هذه الإحتفالية و على إستثمار أبعادها، فما ذلك إلا تعبير عن وفائنا لرسالتنا الخالدة التي سطرها آباؤنا الخالدون بدمائهم الطاهرة، عندما رفعوا صرختهم المدوية في وجه الإستعمار البغيض”.
و تابع “لقد كانت صرخة مزلزلة إلتقت فيها إرادة أب الأمة و بطل التحرير المغفور له الملك محمد الخامس طيب الله ثراه، مع إرادة الشعب المغربي الأبي، فكانت النتيجة، تحول هذه الصرخة إلى معلمة لم تعد تقبل بصيغ المواربة و المهادنة و التساكن مع الإستعمار، الأمر الذي ترسخ بشكل نهائي عندما تطاولت دوائر الإستعمار الفرنسي على رمز سيادة البلاد و عنوان وحدتها و كرامتها، بنفي السلطان محمد بن يوسف وعائلته الكريمة يوم 20 غشت من سنة 1953، الأمر الذي فجر يومها غضبا عارما تمثل في ثورة الملك و الشعب المجيدة، و هي الثورة التي فتحت عهدا جديدا في النضال الوطني من أجل الحرية و الإستقلال”.
و شدد على أن “المعركة كانت قاسية، و كان القمع شرسا، و كان الإنتقام الإستعماري عنيفا.
و مع ذلك، كانت الإرادة صلبة، و كان الإخلاص بلا حدود، و كان الوفاء بلا شروط. تجند المغاربة عن بكرة أبيهم، كل من موقعه و كل بإمكانياته و كل بطموحاته، فتوحد في معركة جماهيرية دافقة إلتقت عند مطلبين مركزيين لم يكن هناك أي مجال للفصل بينهما، مطلب عودة السلطان الشرعي من منفاه السحيق و مطلب الإعتراف بإستقلال المغرب”.
و أكد أن تجربة ثورة الملك و الشعب كانت معركة كبار النفوس من أحرار الأمة. هؤلاء الأحرار الذين إستبسلوا في الدفاع عن مطلب الحرية و الإستقلال، فخاضوا معركة حامية الوطيس لقهر الإستعمار و إفشال مخططاته، تحت القيادة الرشيدة لأب الأمة الملك محمد الخامس طيب الله ثراه. فتحولت إلى عبرة لشعوب العالم و إلى ملحمة إستنارت بأنوارها حركة التحرير عندما تحولت إلى سيرة عطرة لملك مجاهد، مخلص و وفي، و لشعب مناضل و معطاء. و عندما إجتمعت الإرادتان، إنهار صرح الإستعمار و تفككت أوصاله و تهاوت قلاعه.
و أضاف المتحدث نفسه، “نحتفل هذه السنة بذكرى عيد الإستقلال المجيد في ظل حالة التعبئة الشاملة التي أعلن عنها الخطاب الملكي السامي بمناسبة إفتتاح جلالة الملك محمد السادس نصره الله و أيده للسنة التشريعية الجديدة، و ذلك من أجل إستثمار التقدم الكبير الذي حققناه لكسب أشواط معركتنا المفتوحة لتحصين وحدتنا الترابية بأقاليمنا الصحراوية الجنوبية”.
و قال، بهذه المناسبة، “نجدد التأكيد على تجندنا الدائم و المبدئي خلف عاهلنا الهمام للدفاع عن ملف وحدتنا الترابية ضد كل من سولت له نفسه المس بهذه الوحدة. فنحن لن نكون أقل وطنية من آبائنا و من أجدادنا الذين إسترخصوا حياتهم في سبيل القيم العليا للوطن، ذلك أن نفس المبادئ التي صنعت بطولات ثورة الملك و الشعب تشكل ملهمتنا لإستمرار معركة النضال من أجل تحصين وحدتنا الترابية. يتطلب إنخراطنا في هذا المسار، تمثل قدسية إنتماءنا لنهر الوطنية الدافق، فهو منطلقنا، و هو سبيلنا، و إليه مآلنا. هذه رسالة مؤسسة محمد الزرقطوني للثقافة و الأبحاث، و رسالة كل أحرار المغرب، رسالة أمة نتوارثها من جيل لجيل، لنبني بها وطننا الحر و نخلص من خلالها لشعبنا الأبي”.
و أشار إلى أن “الإنتصارات التي بات يحققها المغرب أضحت مصدر إزعاج كبير لخصوم وحدتنا الترابية، لذلك، تناسلت مؤامراتهم و دسائسهم و إشتد مكرهم إلى مستويات غير مسبوقة. و في المقابل، ظلت خطوات صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله و أيده، ثابتة و محققة لفتوحات غير مسبوقة، و على رأسها إعتراف تسعة عشر دولة من دول مجموعة الإتحاد الأوربي بالموقف المغربي و إستعداد مجموعات متتالية من الدول الأخرى للسير على نفس المنوال، ثم إعتراف دول وازنة بالحق المغربي في صحرائه، مثلما هو الحال مع الولايات المتحدة الأمريكية و فرنسا و إسبانيا و ألمانيا، ثم إقدام عدد كبير من الدول العربية و الإفريقية على فتح قنصليات لها بمدينتي العيون و الداخلة، أضف إلى ذلك، نجاح المسار التنموي الهائل الذي تعرفه أقاليمنا الجنوبية و خاصة على المستويات الإقتصادية و الإجتماعية”.