أكد فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب أمس الإثنين، أن الوضعية الراهنة للمالية العمومية في المغرب “متحكم فيها”، وتسير وفق التوقعات المحددة في قوانين المالية، مشيرًا إلى أن هذه الدينامية الإيجابية انطلقت منذ سنة 2022، وهي السنة الأولى من الولاية الحكومية الحالية.
وأوضح الوزير أن الموارد العادية للميزانية العامة سجلت خلال السنوات الأربع الماضية ارتفاعًا ملحوظًا بلغ 116 مليار درهم، بمعدل نمو سنوي متوسط يفوق 13.4 في المائة، مشيرًا إلى أن هذا التحسن يعود بالأساس إلى الإصلاحات الضريبية التي باشرتها الحكومة، ولا سيما ما يتعلق بالضريبة على الشركات والضريبة على القيمة المضافة، بالإضافة إلى توسيع العمل بمبدأ الاقتطاع من المنبع.
واعتبر لقجع أن هذه النتائج تعكس نجاعة التوجهات الحكومية في مجال تدبير المالية العمومية، مؤكدا أن الحفاظ على توازن المالية يشكل أولوية لضمان استمرارية الاستثمار العمومي وتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وفي سياق متصل، شدد لقجع، في كلمة ألقاها خلال افتتاح مؤتمر “Climate Smart Public Procurement” المنعقد اليوم بالرباط، على أهمية الطلب العمومي الأخضر كأداة استراتيجية لتحقيق التنمية المستدامة، مؤكدا أن توجيه الإنفاق العمومي نحو مشاريع مستدامة يجسد انسجام السياسات العمومية ويمنح إمكانيات أكبر للنمو المستدام.
وأضاف أن الطلب العمومي الأخضر يشمل مجالات الطاقة والنقل والاقتصاد الدائري والإدماج الاجتماعي، ويساهم في توجيه ممارسات السوق نحو المزيد من الاستدامة، كما يشكل رسالة قوية للقطاع الخاص للانخراط في هذا التحول البيئي. ولفت إلى أن هذا النوع من الطلبات العمومية لا يقتصر على تحقيق النجاعة الاقتصادية، بل يعزز كذلك الطابع النموذجي للدولة المغربية في تبني ممارسات مسؤولة بيئيًا.
وسلط الوزير الضوء على دور المالية العمومية في دعم هذا التوجه، من خلال تكييف النظام الضريبي لتشجيع السلوكيات البيئية وتطوير أدوات تمويل مبتكرة مثل السندات السيادية الخضراء، بالإضافة إلى إدماج المعايير الإيكولوجية والاجتماعية في طلبات العروض لتحفيز الابتكار ودعم النسيج المقاولاتي المحلي.
من جهته، أكد نادر محمد، المدير الإقليمي لشؤون الازدهار بالبنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أن توجيه المشتريات العمومية نحو مشاريع صديقة للبيئة من شأنه إحداث تأثير اقتصادي مضاعف، مشيرًا إلى أن هذه المشتريات تمثل في المنطقة نحو 18% من الناتج الداخلي الخام، ما يمنحها دورًا محوريًا في التحول نحو الاقتصاد الأخضر.
أما مديرة الوكالة الفرنسية للتنمية بالمغرب، كيتري بانسون، فقد أكدت أن الوكالة ترتكز في استراتيجيتها على تمويل المشاريع ذات القيمة البيئية العالية، إلى جانب تقديم المساعدة التقنية للمؤسسات العمومية ودعم المبادرات المحلية المبتكرة. كما كشفت عن اعتماد الوكالة آليات لتقييم الأثر المناخي للصفقات العمومية من أجل ضمان إدماج الاعتبارات المناخية بشكل منهجي في عمليات الشراء وتتبع نتائجها بفعالية.
وشهد افتتاح هذه الندوة مشاركة مسؤولين وممثلين عن مؤسسات مالية دولية، من ضمنهم الخازن العام للمملكة، نور الدين بنسودة، والمدير الإقليمي لدائرة المغرب العربي ومالطا بالبنك الدولي، أحمدو مصطفى ندياي، ورئيس المكتب الإقليمي للبنك الإسلامي للتنمية، أحمد أغ أبوبكرين، إضافة إلى ممثلين عن البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية وبنك التنمية الجديد.