في ظرف أيام قليلة، تحوّلت مواقع التواصل الاجتماعي إلى ساحة حزن وتعاطف غير مسبوق، بعد أن ضجّت بفيديوهات تدّعي وفاة مدربة الحيتان “جيسيكا” في حادث مأساوي على يد حوت قاتل خلال عرض بحري. عناوين مثيرة مثل “الفيديو الكامل لمدربة الحوت” و “ماذا حدث لجيسيكا؟” انتشرت كالنار في الهشيم، مصحوبة بموسيقى حزينة وصور مؤثرة جعلت القصة تلامس المشاعر وتخترق القلوب، خاصة في المغرب والوطن العربي.
لكن الحقيقة كانت أكثر غرابة من الخيال: لا جيسيكا… ولا حادث… ولا حوت قاتل. تحقيق رقمي دقيق كشف أن كل ما شاهده الملايين كان من نسج خيال الذكاء الاصطناعي؛ صور مصممة بخبرة، ومقاطع فيديو تبدو حقيقية، ونصوص مكتوبة بأسلوب تقارير إخبارية موثوقة، لكنها في الواقع محض وهم رقمي.
خبراء الإعلام الرقمي دقّوا ناقوس الخطر، محذّرين من قدرة الذكاء الاصطناعي على خلق روايات وهمية شديدة الإقناع تنتشر خلال ساعات، وتؤثر على الرأي العام قبل أن يُكتشف زيفها.
هذه الحادثة تذكير صارخ بقاعدة ذهبية في زمن الإعلام الجديد: لا تشارك قبل أن تتحقق. فاليوم، لم تعد العين قادرة على التمييز بين الحقيقة والخيال، في عالم أصبحت فيه الصور والفيديوهات المزيفة تنبض بالحياة كما لو كانت الواقع ذاته.