أشعلت خريطة نشرتها قناة الجزيرة على صفحتها الرسمية بموقع “فيسبوك” جدلًا واسعًا في الأوساط المغربية، بعدما ظهرت فيها الصحراء المغربية منفصلة عن باقي التراب الوطني، في خطوة اعتبرها العديد من النشطاء والمتابعين مساسًا بالوحدة الترابية للمملكة واستفزازًا غير مقبول.
الخريطة المثيرة للجدل جاءت ضمن مادة تعريفية عن منظمة التعاون الإسلامي، التي تضم 57 دولة، حيث جرى تمييز منطقة الصحراء المغربية بلون مختلف عن بقية مناطق المملكة، ما أعطى الانطباع بأنها كيان مستقل، وهو ما أثار غضب شريحة واسعة من المغاربة الذين اعتبروا ذلك تكرارًا لهفوات مهنية تمس قضية وطنية حساسة.
وقد تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي بسرعة، حيث عبر كثيرون عن استيائهم مما وصفوه بـ”التجاوز الخطير”، مطالبين إدارة القناة القطرية بتصحيح الخطأ وتقديم توضيح رسمي. واعتبر البعض أن هذا الحادث يعكس عدم دقة في التحقق من المعلومات والخرائط قبل نشرها، خاصة حين يتعلق الأمر بقضايا سيادية.
ونددت تعليقات عديدة بما وصفته بـ”الاستهداف المتكرر” لقضية الصحراء المغربية، مذكرين بمواقف مشابهة سابقة، حين تم نشر خرائط مشابهة أو تصريحات تثير الشكوك حول الموقف من هذه القضية. كما أشار بعض المعلقين إلى أن مثل هذه الهفوات قد تؤثر سلبًا على صورة القناة ومصداقيتها، خاصة في بلد كالمغرب حيث قضية الصحراء تعد ملفًا مقدسًا يتجاوز الخلافات السياسية.
في المقابل، طالب نشطاء بأن يكون رد السلطات المغربية واضحًا وحازمًا، داعين الجهات الرسمية إلى مراسلة إدارة القناة القطرية وطلب توضيحات عاجلة، ومؤكدين أن الدفاع عن الوحدة الترابية للمغرب واجب وطني يقتضي التعامل بحزم مع مثل هذه التجاوزات.
تجدر الإشارة إلى أن قضية الصحراء المغربية تعتبر أولوية وطنية كبرى للمملكة، حيث يؤكد المغرب باستمرار أن هذه المنطقة جزء لا يتجزأ من ترابه الوطني، مستندًا في ذلك إلى التاريخ والشرعية الدوحلية وموقف غالبية الدول التي تعترف بالسيادة المغربية على الصحراء. كما أن الرباط حققت في السنوات الأخيرة نجاحات دبلوماسية مهمة، أبرزها اعتراف عدد من الدول، من بينها الولايات المتحدة الأمريكية، بمغربية الصحراء، وافتتاح عشرات القنصليات الأجنبية في مدينتي الداخلة والعيون.
ويأتي هذا الجدل في وقت يشهد فيه الملف تقدمًا واضحًا لصالح الموقف المغربي، خاصة بعد الدعم المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد وواقعي للنزاع، ما يجعل أي محاولة لتصوير الصحراء ككيان منفصل مرفوضة شعبيًا ورسميا.