الحدث بريس: متابعة
عرفت المنظومة التعليمية في المغرب تحولا كبيرا ،بفضل جائحة فيروس كورونا ،إذ انتقلنا بشكل مفاجئ من التعليم الفزيائي الذي يتطلب إمكانيات مادية وبشرية ضخمة إلى التعليم الرقمي ،بالرغم من أن منظومتنا التربوية لم تكن مهيأة لخوض هذه التجربة بما تتطلبه من وسائل ومعدات وتقنيات متاحة للأطر التربوية و للتلاميذ والطلبة والمدرسين ،لهذا الغرض أكد السيد سعيد أمزازي وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي والناطق الرسمي باسم الحكومة ، “على أننا تأخرنا كثيرا في إدماج التكنولوجيات الرقمية في منظومتنا التربوية، وهو ما يقتضي وقفة جادة من الفاعلين التربويين والجامعيين، في المستقبل ،لأن الهدف الأسمى حاليا هو تحقيق استمرارية الدراسة إلى النهاية و حتى انهاء البرنامج الدراسي، كحل وحيد للتلاميذ من أجل تحصيلهم الدراسي في هذه الظروف العصيبة.لكن بسبب حالة الطوارئ المفاجئة التي فرضها انتشار الفيروس ، كنا جميعا مضطرين، وزارة ومؤسسات وأساتذة ومتعلمين، إلى أن نشتغل بالإمكانيات المتاحة منها”.
والملاحظ اليوم أن الأسر المغربية قد تجاوبت بشكل فعال وسريع ،مع هذا الوضع الاستثنائي الذي تمر به بلادنا،بدون تردد أو مركب نقص ، إذ أن عملية التعليم عن بعد تبث بشكل سلس على العديد من القنوات التلفزية المغربية،التي تم توظيفها لهذا الغرض ، كالقناة الرابعة الثقافية والقناة الرياضية ،و قناة العيون القناة الأمازيغية بحيز زمني مهم ، جاء لتغطية جميع المستويات الدراسية، لتفادي الحديث عن سنة بيضاء كما جاء على لسان السيد الوزير ” الحديث عن إقرار سنة بيضاء حيث أن 75 في المئة من البرنامج الدراسي قد تم إنجازه فعليا لذلك لا يجب مطلقا الحديث عن سنة بيضاء…”
وبغض النظر عن جودة محتوى تنزيل التعليم عن بعد ببلادنا في هذه الظروف العصيبة ، فإن الفكرة في حد ذاتها أمر جيد ،بحيث استطاعت جائحة كورونا أن تفك عقدة المسؤولين المغاربة مع التعليم عن بعد ، وتدفعهم في وقت قياسي إلى اتخاد العديد من الاجراءات ( تخصيص مجموعة من القنوات التلفزية والمنصات الرقمية لبث الدروس، وإعادة البث في نهاية الأسبوع للذين فاتهم متابعه، واتفاقها مع شركات الاتصالات لولوج منصاتها باستثناء الفيديوهات مجانا،) وكذا توظيف العديد من الامكانيات اللوجيستيكية والبشرية في التواصل الرقمي ،والتفاعل بشكل تدريجي مع العملية ، بصرف النظر عن الاختلالات التي قد ترافق تنزيل هذا المشروع ، لكن الحقيقة الساطعة اليوم ،اننا أمام تجربة ميدانية واسعة و تمرين تربوي وسياسي يتطلب من الحكومة والاسر المغربية المساهمة في تنزيل هذا الورش ،مادام قد سد فراغا تربويا وتعليميا في عز هذه الازمة العالمية .
إن مختلف الإجراء ات المتخذة من طرف الحكومة المغربية اليوم في إطار التدابير الاحترازية لمواجهة جائحة كورونا ،وبالرغم من محدودية مردوديتها ،تبقى نتيجة حتمية لمستقبل التعليم الذي سيتحول بشكل تلقائي إلى التعليم عن بعد، مع ضرورة توسع استعمال الأنترنت والرفع من أرقام الاشتراك خصوصا في المناطق الهامشية والوسط القروي ، وتعميمه ودمقرطة التكنولوجيا الرقمية بين العالم القروي والحضري ،والانتصار لمبدأ تكافئ الفرص ،وتمكين الفئات الهشة والمعدمة من الوسائل التكنولوجية ورفع من معدل الفرد المغربي في امتلاك حواسيب خاصة ولوحات الكترونية،كما أن الوزارة مطالبة بإحداث منصات رقمية متعددة،تواكب مختلف المستويات الدراسية والمسالك البيداغوجية ،وتأهيل العنصر البشري وتمكينهم من التكوينات المناسبة،لانتاج محتوى رقمي تعليمي يؤدي أدواره التعليمية والبيداغوجية .