في إطار تعزيز التعاون العسكري الثنائي وتأكيداً على عمق الشراكة الاستراتيجية بين المغرب وفرنسا، انطلقت رسمياً فعاليات التمرين الجوي المشترك “ماراثون 25″، الذي يجمع بين القوات الملكية الجوية ونظيرتها الفرنسية، في محطة جديدة من التنسيق العسكري عالي المستوى بين البلدين.
ويأتي هذا التمرين في سياق متسق مع الرغبة المشتركة في تطوير قابلية التشغيل البيني ورفع مستوى الجاهزية العملياتية، في ظل التحولات المتسارعة التي تشهدها البيئة الأمنية الإقليمية والدولية. ويعرف “ماراثون 25” مشاركة نوعية من المعدات والقدرات الجوية المتقدمة، حيث زجّت فرنسا بخمس مقاتلات “رافال B” من الجناح الرابع للطيران المقاتل، مدعومة بطائرة “Phénix A330 MRTT” المتخصصة في التزود الجوي بالوقود والنقل الاستراتيجي، ما يعكس انخراطاً قوياً في تمارين المحاكاة التكتيكية المعقدة.
من جهته، شارك الجانب المغربي بثماني طائرات مقاتلة من طراز F-16، تُعد من بين أحدث الطرازات لدى القوات الملكية الجوية، إلى جانب مروحيات “بوما” متعددة المهام، المجهزة خصيصاً لعمليات النقل والإخلاء الطبي في ظروف عملياتية صعبة.
وينقسم التمرين إلى مرحلتين أساسيتين: الأولى تتضمن تدريبات على الرماية الجوية والتزود بالوقود في الجو، وهي مهارات تتطلب تنسيقاً تقنياً عالياً ومهارات طيّارين دقيقة. أما المرحلة الثانية فتتعلق بتمرين تكتيكي مشترك يحاكي سيناريوهات واقعية، يتم فيه اختبار مدى تكامل الوحدات المشاركة في تنفيذ عمليات هجومية ودفاعية متعددة الأبعاد.
ويشكل هذا التمرين فرصة لتعزيز التفاعل الميداني بين الطيارين والتقنيين من الجانبين، كما يسمح بتبادل الخبرات في مجالات الاستجابة السريعة وإدارة المهام المعقدة في بيئات جوية متنوعة. ويرى مراقبون أن استمرار مثل هذه المناورات يؤكد رغبة الرباط وباريس في تعزيز الشراكة الدفاعية وتحقيق أعلى مستويات التأهب لمواجهة التحديات المشتركة، لاسيما تلك المرتبطة بمكافحة الإرهاب، والتصدي للتهديدات العابرة للحدود، وحماية الأمن القومي.
وتُعد هذه المناورات الجوية مؤشراً على الثقة المتبادلة بين الجيشين، ورغبة الجانبين في مواصلة العمل المشترك من أجل تطوير عقيدة عسكرية حديثة تستجيب للرهانات المتزايدة على المستوى الجيوسياسي.