في مستهل إجتماعه الدوري، يوم الثلاثاء 07 يناير 2025، تناول المكتبُ السياسي لحزب التقدم و الإشتراكية، من جديد، موضوع مراجعة مدونة الأسرة على ضوء الخطوط العريضة التي تمَّ الإعلانُ عنها.
و أكد على المواقف التي أعرب عنها في البيان الذي أصدره بهذا الصدد في يوم الثلاثاء 24 دجنبر الماضي، وأساساً منها تثمينُ المقاربة التشاورية القبْلية، والإشادةُ بالتوجُّهات الإيجابية العديدة التي تتقاطع مبدئيًّا مع مُقترحاتٍ وَرَدَتْ في مذكرة حزبنا.
إلى ذلك، يُعربُ حزبُ التقدم والاشتراكية عن عدمِ تَـــــفَـــــهُّـــــمِـــــهِ للرفض الذي قُــــوبِلت به بعضُ الاقتراحاتِ الوجيهة والـــمُنصِفة، رغم أنها تَنصَبُّ على مواضيع لا ترتبط بنصوصٍ دينية قطعية، كما هو الشأن بالنسبة لمقترح الإلغاء التام للتعصيب بالنظر إلى الآثار الاجتماعية السلبية التي يُخلِّفُها في الواقع؛ وكما هو الحالُ بالنسبة لمقترحِ اعتماد الخبرة الجينية لإثبات نَسَبِ الأطفال المزدادين خارج إطار الزواج مع تمتيعهم بكافة حقوقهم المترتبة عن ذلك دون أيِّ تمييز.
على هذه الأسُس، يؤكد حزبُ التقدم والاشتراكية على أنه سيُواصِلُ تَرافُعَهُ التحديثي خلال كل المراحل اللاحقة من مسار مراجعة مدونة الأسرة، انطلاقاً من هويته التقدمية ومرجعيته الديموقراطية، وارتكازاً على كونه حزباً يَحملُ، منذ نشأته، مشروعًا فكريًّا وسياسيا تُشَكِّــــلُ فيه المساواةُ بين النساء والرجال قيمةً إنسانية إلى جانب كونها قضيةً حقوقية وديمقراطية ورهانًا للعدالة الاجتماعية والتنمية والتقدم. وسيقومُ الحزبُ بذلك، طبعًا، في إطار الدستور وما ينصُّ عليه من التزامٍ بالمساواة وبمنظومة حقوق الإنسان،ومن حظرٍ ومكافحةٍلكل أشكال التمييز. كما سيقوم الحزبُ بذلك في استحضارٍ تام لواقع ومعطياتِ المجتمع ولطبيعة المرحلة التاريخية،وفي إطار الثوابت الوطنية،ومن ضِمْنِهَا الدينُ الإسلامي القائم على قيم الانفتاح والاعتدال.
في هذا السياق، يأملُ حزبُ التقدم والاشتراكية في أن يتمَّ النقاشُ العموميُّ بخصوص مراجعة مدونة الأسرة، بعيداً عن أيِّ تغليطٍ أو تحويرٍ سلبيٍّ مقصود للمقترحات المعلنة وللغاياتِ منها، وبعيداً عن أيِّ سعيِ لوضع ذلك في قالبٍ بأهداف سياسوية محافِظَة وماضوية ورجعية تحت قناعٍ يستغل الدين بشكلٍ متعسِّـــف ومُزَيَّــــف.
في هذا الإطار، يتطلبُ الأمر، بالأساس، تَحَمُّلَالحكومة مسؤولياتها في الحَملِ القوي للأعباءِ السياسية والتواصلية لموضوع مدونة الأسرة، وفي القيام بصياغةٍ مشروع قانونٍ متقدمٍ في تفاصيلِ مقتضياته، بما يعكسُ فعلاً التوجُّــهاتالإيجابية المعلنة.
كما يؤكد حزبُ التقدم والاشتراكية على أنَّ موضوع مدونة الأسرة هو قضية مجتمعية بالغة الأهمية، بما يجعلها لا تحتمل الاستهزاء ولا التسطيح، بقدر ما تستلزمُ الانخراط القوي للإعلام العمومي ولجميع فعاليات المجتمع، السياسية والمدنية والحقوقية والنسائية، في نقاشٍ مسؤول وهادئ ورزين ودقيق، من أجل تنوير الرأي العام، وتقديم الصورة الحقيقية لهذا الورش الإصلاحي، ومواجهة المغالطات الرائجةبخصوصه.
في هذا السياق، يُوجِّهُ حزبُ التقدم والاشتراكية نداءً حاراًّ إلى كافة قوى وفعاليات المجتمع المتشبعة بمقاربةٍتنويرية وثقافةٍ مساواتية، وإلى جميع مكونات الصف الديموقراطي، وإلى الحركة الحقوقية والنسائية التقدمية، من أجل استنهاضِ الهِــــمم، وتجميعِ القوى، وتوحيد المبادرات، وتنسيق المواقف والجهود، لملء الساحة بالترافع القوي والرصين، بغاية فتح الأفق أمام إخراجِ قانونٍ للأسرة يكونُفي مستوى عصره، ويكرِّسُ ويُحصِّنُ المكتسبات المساواتية،بعيداً عن أيِّ نزعةٍ تضييقية أو نكوصية محافِظة.
ويؤكد حزبُ التقدم والاشتراكية على أنه سيتحمل كامل مسؤوليته على هذا المستوى، دون السقوط في أيِّ مقارباتٍ من شأنها إحداثُ شرخٍ أو مواجهة عقيمة في صفوف المجتمع، لن يستفيد منها وطنُـــنا.
استمرار ترافع الحزب من أجل تشريعٍ متقدم وحقوقي لتأطير الحق في الإضراب
من جانبٍ آخر، وفي إطار متابعته لمسار مشروع القانون التنظيمي للإضراب، ثَمَّنَ المكتبُ السياسي الندوة الترافعية التي احتضنها المقر الوطني للحزب بالرباط، يوم الثلاثاء 07 يناير 2025، من تنظيمِ جبهة الدفاع عن الحق في ممارسة الإضراب التي تتشكل من طيفٍ واسعٍ من منظمات نقابية وأحزاب السياسية وهيئات حقوقية ومدنية.
بهذا الصدد، وبعد تسجيل الاتفاق على إدخال مشروع القانون التنظيمي للإضراب ضمن مقاربةٍ تفاوضية بين الحكومة والنقابات، يؤكد حزبُ التقدم والاشتراكية على أنه سيواصلُ جهوده النضالية من داخل هذه الجبهة وفي كل الفضاءات والواجهات الممكنة، سعياً منه نحو تجويد الصيغة الحالية لقانون الإضراب، ونحو إخراجه من الغرفة الثانية للبرلمان بشكلٍ متقدم وبنَفَسٍ حقوقي، بما يضمن الممارسة الفعلية لهذا الحق الدستوري بعيداً عن أيِّ مقتضياتٍ تضييقية وتكبيلية.
إدانة مجددة لجرائم الكيان الصهيوني في حق الشعب الفلسطيني
وفيما يرتبط بالأوضاع في فلسطين، يُجدِّدُ حزبُ التقدم والاشتراكية إدانتَهُ الشديدة للعدوان القذر الذي يُواصلُ الكيانُ الصهيوني شَنَّهُ ضد الشعب الفلسطيني المكلوم، بما يُخلّف يومياً مزيداً من الضحايا الأبرياء، وأغلبهم أطفالٌ ونساء ومدنيون، وخاصة في غزة.
كما يُدينُ الحزبُ التواطؤ الأمريكي مع الكيان الصهيوني، إلى حدِّ التماهي، مع ما يوفره ذلك من دعمٍ مالي وعسكري لا محدود، ومن غطاءٍ سياسي، ومن حمايةٍ من المتابعة القضائية الدولية، بما يُشجّعُ إسرائيل على تصعيد اقترافها لجرائم حربها القذرة بلا حسيبٍ ولا رقيب إلى حد الآن.
وفي الوقت نفسه، يرفض حزبُ التقدم والاشتراكية رُكونَ المنتظمِ الدولي إلى الصمت والتسليم بالأمر الواقع، مما يجعلُ الشعبَ الفلسطيني وحيداً، من دون أيِّ حمايةٍ، في مواجهة آلة حربٍ جهنمية للكيان الصهيوني.
لذلك، يجدد حزبُ التقدم والاشتراكية نداءه إلى المجتمع الدولي، وخاصة إلى البلدان العربية، من أجل اتخاذ مبادرة قوية، مشتركة ومنسَّقَة وضاغِطة، من أجل إيقاف حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، ثم فتح الأفق أمام نيله كافة حقوقه الوطنية المشروعة.
في هذا السياق، يُجددُ حزبُ التقدم والاشتراكية نداءه إلى جميع القوى الفلسطينية الفاعلة، من أجل الحرص على وحدة الصف الفلسطيني وتقوية الجبهة الداخلية، حيث أنَّ أيَّ توجُّهاتٍ معاكسة لذلك لن تخدم سوى أجندة العدو الصهيوني وأهدافه الخبيثة.
تفعيل مخطط عمل الحزب برسم 2025
على صعيد الحياة الداخلية للحزب، وفي ضوء خلاصات لجنة تتبع برنامج العمل برسم سنة 2025، التي عقدت أول اجتماعاتها في نفس هذا اليوم، صادق المكتبُ السياسي على تشكيل مجموعاتِ عملٍ من أجل تفعيل مخطط العمل الذي سبق وأنْ صادقت على أهدافه وتوجهاته ومحاوره الكبرى الدورةُ الخامسةُ للجنة المركزية.
وستجتمع لجنة التتبع خلال الأسبوع المقبل، لبلورة الخطواتِ العملية والشروع في تفعيل هذا البرنامج عمليا في الميدان.
على هذا الأساس، يتوجهُ المكتبُ السياسي، منذ الآن، إلى كافة فروع الحزب ومنظماته وقطاعاته ومؤسساته، من أجل التعبئة والانخراط القوي في تفعيل مخطط العمل في جميع جوانبه السياسية والإشعاعية والتواصلية والتنظيمية والانتخابية. وسيُصدِرُ المكتبُ السياسي نشرية داخلية في الموضوع.
وفي إطار تتبع أنشطة الحزب، نَــــوَّهَ المكتبُ السياسي، تحديداً، بالندوات الناجحة التي تم تنظيمها مؤخراً حول مراجعة مدونة الأسرة، بكلٍّمن الخميسات، وابن جرير، وعين الشق الدار البيضاء، مُـــــهيباً بجميع فروع الحزب ومنظماته أن تُبادِرَ إلى تنظيم لقاءاتٍ تنويرية وتفسيرية وترافعية حول نفس هذا الموضوع، استناداً إلى المقاربة الديموقراطية و البُعد المساواتي الذي يحمله الحزب.