تتعمق ملامح واقع “مغرب بسرعتين” حتى داخل قطاع التعليم، حيث بدأت تجربة “مدارس الريادة” تكشف عن تباينات صارخة بين التلاميذ، ليس بين المدن والقرى فقط، بل حتى داخل الأحياء نفسها.
وأُطلقت “مدارس الريادة” ضمن خطة إصلاحية واسعة شهدها قطاع التعليم في المغرب، مستندة إلى الرؤية الاستراتيجية التي تبناها المجلس الأعلى للتربية والتكوين، والتي أسفرت عن صدور قانون-إطار يلزم استمرارية السياسات التربوية.
ورغم ما تحمله هذه التجربة من وعود بالتحسين، إلا أن تطبيقها غير المتكافئ يثير قلق الخبراء بشأن عدالة الوصول إلى تعليم جيد.
ويرى الخبير التربوي عبد اللطيف اليوسفي، وفي لقاء ضمن برنامج “حديث الثلاثاء” الذي ينظمه “مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد”، أن “مدارس الريادة” قامت على فكرة متقدمة تعتمد على منهج المجموعات المدرسية بدلاً من سنوات الدراسة التقليدية، معترفًا بجودة التصور والمضامين.
لكنه يحذر من واقع مقلق: حين توجد مدرسة ريادة في حيّ ما، إلى جانب مؤسسات عمومية أخرى لم تنخرط بعد في التجربة، فإننا أمام فجوة في تكوين التلاميذ، مما يعني أننا نُكرّس تعليمًا بسرعات مختلفة.
ويضيف اليوسفي أن هذه الفوارق لا تقتصر على الفضاء الحضري، بل تزداد حدة حين نقارن مدرسة ريادة في مركز حضري بمدرسة عادية في منطقة قروية، ما ينذر بتفاوت كبير في مستوى التعلم داخل نفس الجيل.
ورغم إقرار المسؤولين في وزارة التربية بأهمية التعميم المرحلي لتجربة الريادة، يظل غياب الموارد أحد أبرز العوائق، حسب ما ينقل اليوسفي، الذي يشدد على ضرورة عدم ترك المدارس “العادية” تتخلف عن الركب، حتى لا تصبح الفوارق بين المتعلمين فجوة لا يمكن ردمها.
ويدعو الخبراء إلى التوازن والعدالة في تعميم مشاريع الإصلاح، حتى لا يؤدي التحديث الجزئي إلى إعادة إنتاج الفوارق داخل المنظومة نفسها.