حذر مرصد العمل الحكومي من الأزمة البنيوية الني تعيشها صناديق التقاعد بالمغرب، والتي تهدد استمراريتها رغم الإجراءات الحكومية المتخذة لإنقاذها من الإفلاس.
وطرح المرصد في تقرير له بعنوان “صناديق التقاعد في المغرب.. الواقع والتحديات” سيناريو إصلاح أنظمة التقاعد الذي قدمته الحكومة، مسجلا مجموعة من النقاط بشأنه.
وانتقد تقرير مرصد العمل الحكومي التجاوز غير المبرر للتحليل المقدم من طرف الحكومة للمسببات الحقيقية للأزمة، ومن بينها الامتناع الطويل للدولة عن تأدية مستحقاتها لصناديق التقاعد ما تسبب في عجز بنيوي في احتياطاتها وسرع بعجزها التقني.
وإلى جانب ذلك، توقف التقرير عند عدم تضمين المقترحات المقدمة من طرف الحكومة لأي رؤية فيما يتعلق بتحسين مردودية الاستثمارات الخاصة باحتياطات صناديق التقاعد وتحسين فعاليتها وتقييم أوجه اعتمادها وتوظيفها.
وفي ذات السياق، ندد التقرير بما أسماه ”التنصل من المسؤولية و التجاوز غير المبرر للتدبير الكارثي لصناديق التقاعد والهدر الكبير الذي عرفته ماليتها واحتياطاتها رغم صدور عدة تقارير في هذا الشأن”، كما انتقد “التستر غير المبرر للحكومة على نتائج الدراسة المنجزة حول إصلاح أنظمة التقاعد، وإلزام الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين بالحفاظ على سرية المقترحات، في تعارض تام مع طبيعة الملف المجتمعية”.
ومن جهة أخرى، توقف التقرير عند اعتماد الحكومة على مقاربة إصلاحية ذات اتجاه واحد بإجراءات ثلاثية (رفع سن التقاعد، خفض تعويضات التقاعد، الرفع من قيمة الاشتراكات)، وهي الإجراءات التي تقع مسؤولية وأثر تنفيذها بشكل كلي على الأجراء، “دون تحمل الدولة لمسؤوليتها فيما يتعلق بالاختلالات البنيوية التي تسببت فيها طيلة عقود من الزمن”.
واستنكر التقرير “غياب أي بعد تواصلي لدى الحكومة فيما يتعلق بإصلاح صناديق التقاعد، وحصر النقاش داخل جلسات الحوار الاجتماعي، في تغييب غير مبرر للنقاش المجتمعي بخصوص هذا الملف الاستراتيجي و المصيري لفئات واسعة من المجتمع المغربي”.
التوصيات والمقترحات
قدم مرصد العمل الحكومي جملة من التوصيات فيما يتعلق بإصلاح صناديق التقاعد بالمغرب وتجاوز الأزمة البنيوية التي تعيشها.
في هذا السياق، دعا المرصد الدولة إلى تحمل مسؤوليتها عن عدم تسديدها لأقساطها عن الفترة الممتدة من 1959 إلى 1997 وما خلفه من هدر، أثر على مردوديتها بما يقدر بأكثر من 25 مليار درهم.
وشدد المرصد على ضرورة اعتماد إصلاح تدريجي وفق أجندة إصلاح متوسطة المدى لا تقل عن 10 سنوات من أجل تنزيل إصلاح شامل و مستدام، وإعادة النظر في القوانين المنظمة لتدبير احتياطات صناديق التقاعد بما يزيد من مردودية استثماراتها بما لا يقل عن 8 أو 9% سنويا، ويحسن من مساهمتها في تمويل الاقتصاد الوطني.
وإلى جانب ذلك، طالب المرصد بإعفاء الأجراء والموظفين الذين يفوق سنهم 55 سنة من كل أثر لإصلاح مرتقب، مع تغليب الكفة نحو الفئات العمرية الشابة، وضرورة وضع حد أدنى لمعاش التقاعد لا يقل عن 1800 درهم للحفاظ على القدرة الشرائية للطبقة الشغيلة من ذوي الدخل المحدود.
وإضافة إليه، أوصى المرصد بالعمل على تنزيل نص تشريعي يوضح خارطة الطريق لإصلاح أنظمة التقاعد، يأخذ طابع الإلزامية للجميع، أفراد ومقاولات وقطاعات حكومية وجماعات ترابية ومؤسسات عمومية و مهن حرة، مع تقليص هدر زمن تنزيل الإصلاح في أفق 2024 على أبعد تقدير، والعمل على سن إجراء ضريبي تضامني، يخصص لتمويل ورش الحماية الاجتماعية بشكل عام، و أنظمة التقاعد بشكل خاص.