جددت منظمة الصحة العالمية تحذيراتها من التداعيات الصحية الخطيرة لتلوث الهواء، مؤكدة أن 9 من كل 10 أشخاص حول العالم يتنفسون هواءً غير مطابق لمعايير الجودة، وهو ما يؤدي إلى وفاة نحو 7 ملايين شخص سنويًا بسبب أمراض مرتبطة بتلوث الهواء.
وخلال حلقة من برنامج “العلوم في 5″، قالت الدكتورة ماريا نيرا، مديرة إدارة الصحة العامة والبيئة بالمنظمة، إن تلوث الهواء يشكل أكبر تهديد بيئي لصحة الإنسان، ويؤثر بشكل خاص على الفئات الهشة، وفي مقدمتها الأطفال والنساء الحوامل.
وأوضحت نيرا أن الجزيئات الدقيقة الموجودة في الهواء الملوث قادرة على اختراق الرئتين والانتقال إلى مجرى الدم وحتى الدماغ، مما يسبب أمراضًا قاتلة مثل السكتات الدماغية، الربو، وسرطان الرئة.
وأضافت أن الأطفال هم الأكثر عرضة للخطر بسبب ضعف بنيتهم الجسدية وسرعة تنفسهم، ما يجعلهم يستنشقون كميات أكبر من الهواء الملوث مقارنة بالبالغين.
كما حذّرت من أن التعرض المزمن للتلوث الهوائي قد يؤدي إلى اضطرابات في نمو الجنين، وانخفاض الوزن عند الولادة، إلى جانب احتمال الإصابة بأمراض مزمنة في وقت لاحق من الحياة، وهو ما يشكل تهديدًا طويل الأمد على الصحة العامة.
وأكدت المسؤولة الأممية ضرورة تبني إجراءات حكومية وتشريعية عاجلة من أجل تحسين جودة الهواء، رغم وجود حلول فردية يمكن أن تقلل من التعرض المباشر، مثل اختيار مسارات أقل تلوثًا خلال التنقل، واستعمال وقود نظيف داخل المنازل.
وسلطت نيرا الضوء على تجارب دولية ناجحة في هذا المجال، أبرزها خفض مدينة باريس لمستوى التلوث بنسبة 50% خلال العقدين الماضيين، ونجاح لندن في تطبيق مناطق منخفضة الانبعاثات، فضلاً عن اعتماد بوغوتا لحافلات كهربائية بالكامل ضمن شبكة النقل العمومي.
وختمت نيرا بالتأكيد على أن “تحسين جودة الهواء ممكن، ويُحدث فرقًا هائلًا في صحة المجتمعات”، داعية الحكومات إلى وضع ملف الهواء النظيف ضمن أولويات السياسات البيئية والصحية، لما له من تأثير مباشر على حياة الإنسان واستدامة كوكب الأرض.