الحدث بريس : مُتابعة
على بعد أقل من شهر على انطلاق الموسم الدراسي الجديد في المغرب، لم تحسم وزارة التعليم بعد قرارها بشأن النموذج التربوي الذي ستعتمده، واكتفت في بلاغ لها، يوم الأحد الأخير، بالإشارة إلى ثلاثة سيناريوهات محتملة هي التعليم الحضوري والتعليم عن بعد أو هما معا.
وكانت الوزارة قد قررت إتمام ما تبقى من الموسم الدراسي الماضي في مختلف المستويات عن بعد، وذلك كإجراء احترازي للحد من تفشي فيروس “كوفيد-19″، كما تم الاقتصار على تنظيم امتحان الباكالوريا، بينما تم الاعتماد على نقاط امتحانات المراقبة المستمرة المنجزة حضوريا بالنسبة لباقي المستويات.
اليوم، وفي ظل استمرار تسجيل مئات حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد، فإن الوزارة لم تقرر بعد كيفية استئناف السنة الدراسية الجديدة، الأمر الذي يثير ردود فعل مختلفة.
“ارتباك أولياء الأمور”
عدم حسم الوزارة حتى الآن في النموذج التربوي الذي ستعتمده خلال الموسم المقبل، خلف حالة من الارتباك لدى أولياء أمور التلاميذ سواء في القطاع العام أو الخاص، وذلك وفق ما يوضحه رئيس الفيدرالية الوطنية لجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ بالمغرب، نور الدين العكوري.
ويشدد العكوري ضمن تصريح صحفي خص به على ضرورة “وضع خارطة طريق واضحة حتى يستعد أولياء الأمور” ويجدوا حلولا للإكراهات التي قد تواجههم.
ويتابع مشيرا كمثال إلى أن العديد منهم سيكون عليهم في حال اعتماد التعليم عن بعد، تجهيز الوسائل اللازمة لذلك، وتحديد من سيرافق الأبناء في البيت أثناء وجود أولياء الأمور في العمل.
ولذلك، يؤكد المتحدث أنه “من الضروري توضيح الرؤية في القريب العاجل وإشراك أولياء الأمور في القرار الذي سيتم اتخاذه بدل أن تتم مفاجأتهم بسيناريو غير مهيئين له”.
وينبه إلى أن التأخر في وضع تلك الخارطة سيؤدي إلى “إرباك كبير”، مبديا خشيته من أن ينتهي الأمر إلى إقرار “سنة بيضاء” والتي قال إن “ما أنقذ الموسم الماضي منها هو أن 70% من المقررات كانت قد دُرِّست حضوريا قبل ظهور الجائحة”.
“غموض تصور الوزارة”
بدوره، يرى الكاتب العام لـ”النقابة الوطنية للتعليم” المنضوية تحت لواء “الكونفدرالية الديمقراطية للشغل”، عبد الغني الراقي، أن بلاغ الوزارة لم يُزح “الغموض” بشأن تصورها لطريقة تدبير السنة الدراسية القادمة.
واعتبر الراقي في تصريح صحفي خص به بأن “معالم الوضع الوبائي واضحة إلى حد كبير الآن”، وأنه يمكن الاستناد إلى المعطيات المسجلة حتى الآن للحسم في النموذج الذي يمكن اعتماده، بدل الانتظار أكثر.
وبين التعليم الحضوري والتعليم عن بعد أو هما معا، يرى الراقي، أن “السيناريو الثالث الذي يعتمد التناوب بين الدروس الحضورية والدروس عن بعد، والتناوب بين التلاميذ في الحضور إلى المؤسسات هو الأكثر واقعية وملاءمة للظروف الحالية”، مع الترحيب بـ”أي اجتهاد يقترحه الخبراء يضمن شروط الحماية كما يضمن في الوقت نفسه عدم التوجه نحو سنة بيضاء”.
من جهة أخرى، نبه المتحدث الذي انتقد “عدم تشاور الوزارة مع الحركة النقابية في تدبير هذا الشأن”، إلى إشكالية أخرى قد تُطرح خلال الموسم القادم، حيث قال إنه “من المتوقع أن تكون هناك هجرة لتلاميذ من التعليم الخصوصي نحو التعليم العمومي بينما لا يبدو لحد الآن أن الوزارة قد هيأت لاستقبالهم”.
“إكراهات التعليم عن بعد”
ويأتي حديث الراقي عن إمكانية “هجرة” تلاميذ من القطاع الخاص نحو القطاع العام على إثر الأزمة التي شهدتها العلاقة بين العديد من الأسر ومؤسسات التعليم الخاص خلال الأشهر الأخيرة من الموسم الدراسي السابق التي واكبت فترة الحجر الصحي.
ولتفادي أزمة مماثلة، فقد عبرت مؤسسات التعليم الخاص عن تفضيلها للتعليم الحضوري بدل التعليم عن بعد الذي كان سببا في رفض العديد من الأسر أداء الرسوم.
في سياق ذي صلة، يقول رئيس رابطة التعليم الخاص بالمغرب، عبد السلام عمور إن الرابطة قد أطلعت رئيس الحكومة ووزير التربية الوطنية خلال لقاء جمعها بهما مؤخرا، عن تفضيلها للتعليم الحضوري، مبررا ذلك الاختيار بالقول “لسنا مستعدين للدخول في مغامرة جديدة مع الآباء”.
وبعيدا عن الجانب المادي الذي يؤكد أنه سيتم الحسم فيه عبر تعاقد يجمع المؤسسات بأولياء الأمور، ينبه عمور ضمن تصريح خص به إلى “إكراهات” أخرى يمكن أن تواجه التعليم عن بعد في حال اعتماده خلال الموسم المقبل والتي تجعلهم يفضلون التعليم الحضوري.
ويتابع موضحا أن “الآباء وبعد عودتهم إلى العمل لن يكونوا قادرين على تتبع أبنائهم كما حدث في الموسم الماضي حين كانوا يلازمون البيت بحكم ظروف الحجر الصحي”، كما سيواجهون إشكالا يتعلق بترك أبنائهم لوحدهم في البيت.
من جهة أخرى، أكد المتحدث أنهم في الرابطة بصدد دراسة مجموعة الإجراءات التي سيتم اتخاذها على ضوء النموذج الذي سيُعتمد، والتي تشمل تخفيض أعداد المتمدرسين داخل الأقسام.