منذ طفولة الحلم وصولا الى سنته الخامسة عشر، لا تتوقف شهية المهرجان الدولي للفيلم بمراكش عن استقطاب ألمع الأسماء في عالم الفن السابع، جلهم يأتي، يكتشف، فيعود.
ذكاء وصرامة بالغان في اختيار أفلام المسابقة، عوالم فنية وإبداعية لكل الأذواق، مواعيد قارة لفائدة المواهب الشابة، انفتاح متواصل على مختلف التجارب السينمائية التي تصعد منصة التكريم. والى جانب ذلك كله، السينما هي أيضا نجوم وأسماء تصبح علامات مرجعية، فلم يكن لمهرجان مراكش أن يتنازل عن جعل دوراته المتعاقبة سجلا رفيعا محصورا على توقيع كبار صناع السينما عبر العالم.
وفي المقابل، لم يكن لهؤلاء الكبار أن يمروا سريعا على موعد وفضاء ومدينة من هذا الطراز. إنها شهادات القلب، محفوظة في الذاكرة، تلك التي أفضى بها ضيوف ومكرمون ومساهمون، تعميدا لبصمة خاصة وقعتها مراكش ومهرجانها في نفوسهم.
منذ بدايته، توقع أن التظاهرة ولدت لتبقى، لسبب بسيط “جودة الأفلام لا تضاهى”، يقول المخرج المخضرم مارتن سكورسيزي، رئيس لجنة تحكيم الفيلم الطويل في دورة 2013. زكت شهادته النجمة الايطالية كلوديا كاردينالي التي وصفت المهرجان الذي كرمها بسخاء بأنه “أصبح رقما صعبا في الأجندة السينمائية الدولية”.
هي مراكش “ترياق المتألمين” كما قال عنها عبقري السينما المصرية يوسف شاهين. تحت الغمامة السوداء للمرض الذي كان يقضم أيام يوسف، وجد أن دعوة المهرجان “تشعل بارقة ضوء” في حياته.
بتلقائية آسرة، وعلى أنغام كناوة، رقصت نجمة هوليود شارون ستون، قبل أن تسجل امتنانها للمغرب الذي كرمها “البلد الذي يتسم بالسلام والأمن”، في مهرجان رأت فيه حدثا “يجمع بين الثقافات والمواهب الخلاقة”.
في الأرض التي تحتضن بعضا من جذورها العائلية، أعربت الممثلة الفرنسية جولييت بينوش عن سعادتها وهي تحظى بتكريم المهرجان. بالنسبة اليها، كان قدومها الى مراكش عناقا مع الذاكرة، هي التي تنحدر من أب من مواليد تيزنيت، درس بمراكش وتعلم اللغة العربية قبل أن يتكلم باللغة الفرنسية، ومن جد، يرقد جثمانه بالمغرب أيضا.
عودة الى الذاكرة أيضا بالنسبة للسير شين كونري: ” احتفظت دائما للمغرب بذكرى جميلة…لقد التقيت زوجتي ميشلين خلال قدومي لأول مرة الى هذا البلد عام 1970 للمشاركة في أسبوع الغولف بالمحمدية ..وهناك فزت بالجائزة الأولى…انبهرت بطيبوبة الناس وروح الكرم الأسطوري…كما صورت في المغرب واحدا من أهم أفلامي ‘الرجل الذي أراد أن يصبح ملكا’ “? يقول الممثل الاسكتلندي.
أما المخرج الإيراني الكبير عباس كيروستامي الذي يعود ليلقي درسا سينمائيا (ماستر كلاس) في الدورة 15 بعد أن كرم هنا عام 2005 فاعتبر التظاهرة “فرصة لتنويع وجهات النظر والمقاربات السينمائية وتوسيع إدراك السينمائيين للعالم”.
كذلك يراه الممثل جيريمي آيرونز.. “فرصة للتعرف على عدد كبير من الثقافات المختلفة ، وفرصة كبيرة لمشاهدة أعمال جديدة ومتميزة لم أرها من قبل”.
عن قصتها مع مراكش، تقول النجمة الفرنسية ماريون كوتيار، عضو لجنة تحكيم الدورة 13 : “أنا في مراكش، أشعر وكأنني بين أهلي. صورت فيلمين هنا. هذه لحظة ثمينة للسينما كما تدل على ذلك الأعداد الكبيرة من المواهب الحاضرة هذه السنة “.
مجنون السينما، مبدع البلقان، المخرج الصربي إمير كوستوريتشا، لبى الدعوة، وعاش أجواء المهرجان، بل مضى لاقتناص حكايات مغربية النكهة لتسطع على شاشته العبقرية. بالنسبة إليه: “مهرجان مراكش السينمائي هو أفضل مكان للاحتفال بالسينما وبعالم المبدعين. ”
حين كان على رينزو روسيليني أن يبرر دواعي منح جائزة روبرتو روسيليني 2006 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، قال الرجل إن “قرارنا هذا نابع من اعتقادنا الراسخ بأن المهرجان منفتح على جميع الثقافات دون تمييز أو حكم مسبق. إن لمهرجان مراكش كافة الإمكانات لكي يصبح مرجعا لكل الذين يسعون للسلام والإخاء والتسامح “.