وجهت آمنة ماء العينين، القيادية في حزب العدالة والتنمية، انتقادات لاذعة لتصريحات وزير العدل عبد اللطيف وهبي بخصوص مشروع القانون المتعلق بتجريم الإثراء غير المشروع، معتبرة أن الوزير قدّم معطيات غير دقيقة رغم مشاركته السابقة في مناقشة نفس النص عندما كان نائبًا برلمانيًا.
ماء العينين عبّرت، عبر تدوينة لها، عن استغرابها من ما جاء على لسان وزير العدل، مذكّرة بأنه كان زميلاً لها في لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، وكان مطلعًا على تفاصيل المشروع عن قرب، وهو ما يجعل تصريحاته الأخيرة، بحسبها، بعيدة عن الحقيقة.
وأكدت ماء العينين أن الفصل 8-256 من مشروع القانون رقم 10.16 لا يستهدف عموم المواطنين، كما زعم الوزير، بل يخص فئة محددة من المسؤولين العموميين الملزمين بالتصريح الإجباري بالممتلكات، وفقًا لمقتضيات القانون.
وفي سياق متصل، سلطت الضوء على أحد أوجه القصور في النظام الحالي، مشيرة إلى أن التصريح بالممتلكات يفتقد لأي جزاء فعلي في حال تسجيل زيادات غير مبررة في ثروة المصرّحين، وهو ما يُفرغ الإجراء من مضمونه. واستحضرت في هذا الإطار ملاحظات سابقة لإدريس جطو، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، الذي نبه بدوره إلى هذا الخلل.
وأضافت ماء العينين أن مشروع القانون لم يكن يستهدف الانتقام أو التضييق، بل جاء بمنطق قانوني متماسك يضمن تفعيل آليات المتابعة وفقًا لضمانات قانونية تحفظ حق الدفاع وقرينة البراءة.
وانتقدت القيادية في العدالة والتنمية موقف الوزير وهبي الذي قال إن “المساءلة لا تجوز إلا بعد توفر الإثباتات”، معتبرة أن هذا الموقف يُفرغ الفلسفة الجنائية من محتواها، ويمهد لتكريس الإفلات من العقاب. واعتبرت أن تصريح الوزير الذي قال فيه “إلى قدر يتخبى بصحتو” لا يليق بموقعه كوزير مسؤول عن العدالة، يفترض فيه أن يكون الضامن لمبادئ المحاسبة والشفافية لا مبررًا للتملص منها.
وفي ردّها على ما وصفته بـ”المنطق الغريب” الذي يحاجج به الوزير، والذي مفاده أنه لا يجوز توجيه الاتهام إلا بعد توفر كافة عناصر الإدانة، شددت ماء العينين على أن هذا الطرح يتناقض مع المبادئ الأساسية في التشريع الجنائي، حيث يتم توجيه الاتهام أولًا، ثم يُتاح للمشتبه فيه الدفاع عن نفسه في إطار يحترم قرينة البراءة إلى أن يصدر حكم قضائي نهائي.
كما اعتبرت أن اشتراط توفر الإثباتات الكاملة قبل مساءلة المصرّحين بالممتلكات هو في حد ذاته حكم بالإدانة دون محاكمة، ومصادرة لحقوق الدفاع، موضحة أن العديد من الإجراءات القضائية، من الشكايات إلى قرارات الإحالة، تُبنى على “افتراضات” يتم التحقق منها خلال المسار القضائي.
وختمت ماء العينين مداخلتها بالتشديد على أن معارضة القوانين أمر مشروع في النظام الديمقراطي، لكنها اعتبرت أن هذه المعارضة ينبغي أن تكون مؤسسة على قراءة قانونية دقيقة ونقاش صريح، لا على تحوير النصوص أو إطلاق اتهامات سياسية غير مؤسسة.