في سياق الجدل الدائر حول مراجعة قانون المسطرة الجنائية، اختار وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، أن يسجّل موقفاً حاسماً في مواجهة ما وصفه بتجاوز حدود الاختصاص من قبل بعض المؤسسات الدستورية. الوزير لم يتردد في التعبير عن رفضه للمقترحات التي دعت إلى منح جمعيات المجتمع المدني حق الترافع كطرف مدني في قضايا تتعلق بالفساد وتبديد المال العام.
وفي لقاء نظمه الفريق الاشتراكي بالبرلمان، أوضح وهبي أن التشريع من اختصاص البرلمان وحده، وأن مؤسسات مثل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أو هيئة محاربة الرشوة، لا تملك سلطة في صياغة أو توجيه النصوص القانونية. وهو موقف حمل لهجة صريحة وناقدة، مشككاً في نوايا بعض الجمعيات، التي يرى أنها لا تتعامل بنفس المعايير مع جميع المؤسسات، وتكتفي بملاحقة المنتخبين دون غيرهم.
كما أبدى وهبي تحفظه تجاه ما اعتبره تساهلاً في التعامل مع دور الدولة الرقابي، معتبراً أن مؤسسات التفتيش والمحاسبة قادرة على الاضطلاع بدورها دون الحاجة إلى تفويض جمعوي غير مضبوط. وذهب أبعد من ذلك حين لمح إلى حالات قال إنها تشي بابتزاز سياسي وأخلاقي تمارسه بعض الجمعيات، ما يضع في رأيه، الديمقراطية على المحك.
ورغم نبرته الصدامية، حرص الوزير على التأكيد أن رفضه لا يعني الإخلال بمبدأ الرقابة أو مكافحة الفساد، بل حماية للمسار القانوني من الانزلاقات. تصريحات وهبي جاءت في وقت تعزز فيه مؤسسات الحكامة مطالبها بإشراك المجتمع المدني في حماية المال العام، ضمن رؤية تعتبر التبليغ والتقاضي رافعتين أساسيتين لمحاربة الفساد.