الحدث بريس : متابعة
بوصفه مشروعا مجتمعيا بامتياز، يمثل ورش تعميم التغطية الاجتماعية، الذي يندرج في إطار النهوض بالعدالة الاجتماعية والمجالية، نقطة تحول رئيسية في مسار الإصلاح الشامل لنظام الحماية الاجتماعية في المغرب.
وقد أصبحت ملامح “هذا المشروع الوطني الكبير وغير المسبوق” أكثر وضوحا في الخطاب السامي الذي وجهه جلالة الملك محمد السادس أول أمس الجمعة إلى أعضاء البرلمان بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية العاشرة.
فقد كشف الخطاب الملكي، بوصفه خارطة طريق حقيقية لهذا المشروع الشامل، عن المحاور الأربعة الرئيسية التي سيرتكز حولها تعميم التغطية الاجتماعية.
ويتعلق الأمر بداية بتوسيع التغطية الصحية الإجبارية بحلول نهاية عام 2022 على أبعد تقدير، بشكل يتمكن معه 22 مليون مستفيدا إضافيا من الوصول إلى التأمين الصحي الأساسي على المرض الذي يغطي تكلفة الرعاية والأدوية والتطبيب والعلاج.
ويهم الشق الثاني تعميم التعويضات العائلية ليستفيد منها قرابة سبعة ملايين طفل في سن التمدرس وثلاثة ملايين أسرة.
وفي ما يتعلق بالمحورين الثالث والرابع، فهما يتألفان على التوالي من توسيع قاعدة منخرطي نظام التقاعد ليشمل حوالي خمسة ملايين مغربي من بين السكان النشطين غير الحاصلين معاش، وتعميم الولوج إلى التعويض عن فقدان الشغل بالنسبة للمواطنين ذوي الوظائف المنتظمة.
وتحقيقا لهذه الغاية، دعا جلالة الملك، في هذا الصدد، إلى “تشاور واسع، مع جميع الشركاء، واعتماد قيادة مبتكرة وناجعة لهذا المشروع المجتمعي، في أفق إحداث هيأة موحدة للتنسيق والإشراف، على أنظمة الحماية الاجتماعية”.
وسيحظى تنفيذ هذا المشروع بأولوية داخل الحكومة خلال العام المقبل وفق ما تضمنه منشور لرئيس الحكومة حول إعداد مشروع قانون المالية برسم سنة 2021 والذي ينص على أن عملية تعميم التغطية الاجتماعية لجميع المغاربة ستمتد على مدى السنوات الخمس المقبلة، ابتداء من عام 2021.
وهكذا، تخطط الحكومة لفتح حوار مع المهنيين المعنيين والشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين لاستكمال تطوير رؤية براغماتية شاملة تهم الجدول الزمني والإطار القانوني وخيارات التمويل من أجل تحقيق التعميم الفعال للتغطية الاجتماعية.
ولم تتأخر مشاركة المؤسسة التشريعية طويلا في هذا السياق. فقد قرر مكتب مجلس المستشارين، تفاعلا مع التوجيهات الملكية السامية، إنشاء مجموعة عمل موضوعاتية مؤقتة لإعداد تقرير حول إصلاح التغطية الاجتماعية في المغرب.
وبالنظر إلى الأثر الاجتماعي والاقتصادي المتوقع لتطوير نظام الحماية الاجتماعية ومساهمته الأكيدة في تحسين الظروف المعيشية للمواطنين، فإن التعبئة حول مشروع كهذا تجد مبررها الكامل في ظرفية تطبعها الأزمة، حيث يتزايد الشعور بالحاجة إلى نظام حماية اجتماعية فعال لمواجهة تشتت التدخلات وضعف معدل التغطية.