بعد نحو ثلاثة أسابيع على اجتماعهما في طهران، يلتقي الجمعة، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بنظيره الروسي فلاديمير بوتين في مدينة سوتشي المطلة على البحر الأسود، إذ من المرتقب أن تطغى على محادثاتهما تداعيات الحرب في أوكرانيا وتطورات الأزمة السورية. ورغم تعاون موسكو وأنقرة في عدة قضايا، إلا أن تهديدات الأخيرة المتكررة بشن عملية عسكرية في سوريا تعد خلافا أساسيا بين رئيسي البلدين.
يزور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الجمعة مدينة سوتشي الروسية حيث سيلتقي الرئيس فلاديمير بوتين وذلك عقب أسابيع قليلة من توصل الطرفين إلى اتفاق يقضي باستئناف صادرات الحبوب الأوكرانية عبر مضيق البوسفور.
وحسب مراقبين، فإن من بين الملفات المرتقب تناولها بين الطرفين، تداعيات الحرب في أوكرانيا وإمكانية بلوغ هدنة مستدامة بين موسكو وكييف، ثم مستجدات الأزمة السورية، بعد تحذير الرئيس الروسي بوضوح من أي عمليات عسكرية أخرى داخلها تهدف إلى صد المقاتلين الأكراد في حزب العمال الكردستاني وحلفائه.
ويرى محللون أن هذه الخلافات المتكررة تشكل جزءا من “التعاون التنافسي” الذي حدد العلاقة بين رئيسي البلدين منذ عشرين عاما.
وكتبت أصلي أيدينتاشباش عضو المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية مؤخرا أن “حرب روسيا ضد أوكرانيا أعادت الصورة التي تريدها تركيا لنفسها، صورة الطرف الجيوسياسي الرئيسي الفاعل، وأعادت أردوغان إلى المقدمة”.
تهديدات بشن عملية عسكرية في سوريا
بدأت رغبة تركيا في البقاء على الحياد تجاه موسكو بشأن قضية أوكرانيا، مع أنها عضو في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، تؤتي ثمارها.
وبعد جهود استمرت أشهرا، وقعت موسكو وكييف اتفاقا مدعوما من الأمم المتحدة في إسطنبول سمح بنقل شحنة من الذرة من أوديسا للمرة الأولى منذ بدء الغزو في 24 شباط/فبراير لإمداد لبنان، وستتبعها شحنات أخرى، مما خفف من مخاوف أزمة غذاء عالمية.
وتريد تركيا الآن محاولة فتح باب مفاوضات في إسطنبول إذا كان ذلك ممكنا، لهدنة بين الرئيسين الروسي والأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو الأربعاء بعد اجتماع مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في آسيا “ناقشنا (لنرى) ما إذا كان اتفاق الحبوب يمكن أن يكون فرصة لوقف دائم لإطلاق النار”.
لكن هذه الجهود تعقدها تهديدات أنقرة المتكررة بعملية عسكرية في سوريا حيث تتعارض المصالح الروسية والتركية.
ودعمت موسكو الرئيس السوري بشار الأسد إلى حد كبير في مواجهة مجموعات مدعومة جزئيا من تركيا.
واليوم يريد أردوغان عبور الحدود مرة أخرى لإنشاء منطقة أمنية في قطاع تقوم فيه القوات الروسية بدوريات، لكنه يريد طرد المجموعات الكردية التي يعتبرها “إرهابية” منها.
وقال الخبير في العلاقات الدولية سولي أوزيل من جامعة هاس في إسطنبول إن “الاجتماع سيركز على الأرجح على توغل محتمل في سوريا لم تحصل تركيا من أجله على ضوء أخضر من روسيا أو إيران”.
وأضاف “روسيا يجب أن تحصل على شيء في المقابل”.
تعاون عسكري
ترى وسائل إعلام تركية أن ما يريده بوتين فعليا هو طائرات مسيّرة، إذ زودت أنقرة كييف بطائراتها القتالية الشهيرة من طراز “بيرقدار تي بي2” التي أثبتت فاعليتها ضد الدبابات الروسية.
وذكر مسؤولون أمريكيون أن وفدا روسيا زار إيران للبحث في شراء مئات الطائرات المسيّرة. كما نقل أردوغان بنفسه بعد عودته من طهران طلبا من بوتين في هذا الاتجاه، قبل أن يصحح مسؤول تركي هذه المعلومات، ويقول إن الرئيس التركي كان يمزح.
إلا أن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف رسم صورة للفكرة بتأكيده أن “التعاون العسكري والتكنولوجي هو دائما على أجندة البلدين”.
من جانب آخر، ما زال هناك مصدر توتر محتمل بين الرئيسين المعروفين بتأخرهما المزمن في اللقاءات.
ففي طهران، جعل أردوغان فلاديمير بوتين ينتظر وحده لخمسين ثانية واقفا في غرفة أمام كاميرا وكالة الأنباء التركية الرسمية التي ركزت على وجهه الذي ينم عن توتر.
ورأى كثيرون أن هذا كان رد الرئيس التركي على التأخير الذي فرضه عليه رئيس الكرملين لدقيقتين تقريبا في 2020.
فرانس24/ أ ف ب