إنكب المشاركون، في ندوة دولية إفتتحت اليوم الثلاثاء بالرباط، على بحث سبل تعزيز الحكامة في عالم الأعمال بمنطقة الشرق الأوسط و شمال افريقيا (مينا)، و توحيد الجهود من أجل تفعيل الإجراءات الكفيلة بمكافحة الفساد بدول المنطقة.
و أكد المشاركون خلال هذه الندوة، التي تنظم برئاسة مشتركة بين المغرب و فرنسا، ممثلين بالهيئة الوطنية للنزاهة و الوقاية من الرشوة و محاربتها، و الوكالة الفرنسية لمكافحة الفساد، على ضرورة فتح حوار فعال بين صناع السياسات في مجال مكافحة الفساد و ممثلي القطاع الخاص و المجتمع المدني في منطقة (مينا)، من أجل تعزيز النزاهة و الشفافية داخل المقاولات. و أبرز المشاركون خلال هذا اللقاء، الذي ينظم على مدى يومين حول موضوع “حوار مدمج و إلتزام جماعي من أجل مكافحة الفساد و التنمية المستدامة”، أن مكافحة الرشوة و تعزيز النزاهة ضرورة لدعم ثقة المستثمرين من خلال إعتماد إصلاحات ترتكز على ترسانة قانونية و مؤسساتية قوية و تدابير فعالة لمكافحة هذه الظاهرة.
و في كلمة خلال الجلسة الإفتتاحية للندوة، أكد رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة و الوقاية من الرشوة و محاربتها البشير الراشدي، على أهمية مكافحة آفة الفساد بجميع أشكاله، و إنعكاساته على التنمية و التماسك الإجتماعيين، لافتا الى التعقيد المتزايد للظاهرة التي تتنامى مع تطور الشبكات المالية و التكنولوجيات الحديثة على إختلاف أنواعها، و التي تستغل في مجال الجريمة و الكسب غير المشروع على حساب المصلحة العامة و الدينامية القائمة على مبدأ المنافسة السليمة و العادلة و تحرير الطاقات و التنمية الشاملة و المستدامة.
و سلط رئيس الهيئة، الضوء على وعي المجتمع الدولي المتزايد بخطورة ظاهرة الفساد و الرشوة، مشيرا إلى أنه و للتصدي لتنامي هذه الظاهرة، إعتمدت عدة مقاربات و إستراتيجيات و إتخذت مبادرات مشتركة في إطار شبكة منظمة التعاون و التنمية الإقتصادية لنزاهة الأعمال لمنطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا (موبين) لتوفير إطار للتفكير و العمل المشترك في هذا المجال، مفتوحة أمام كل الجهات الفاعلة من القطاعين العام و الخاص و المجتمع المدني.
و إعتبر أن برنامج شبكة (موبين) يشكل إحدى هذه المبادرات التي يعكس إجتماعها اليوم الرغبة المشتركة في فتح باب النقاش و إعطاء زخم جديد لبحث الآفاق الكفيلة بمواجهة تحديات هذه المعركة، من خلال إلتزام القطاعين العام و الخاص، مستحضرا تجربة المغرب، بهذا الخصوص، حيث تم إنشاء، و منذ سنة 1998، لجنة دائمة للأخلاقيات و الحكامة الرشيدة داخل الإتحاد العام لمقاولات المغرب، و كذا إطلاق نظام وضع العلامات للمسؤولية الإجتماعية للشركات سنة 2006.
من جانبها، توقفت مديرة الوكالة الفرنسية لمكافحة الفساد، إيزابيل جيغوزو، عند التقدم الكبير الذي تم إحرازه على الصعيدين الإقليمي و الدولي، و في إعتماد برامج الملاءمة و التصدي للفساد داخل المقاولة، مبرزة أن هذا التقدم يرجع، بالخصوص، إلى مختلف حوافز نزاهة الأعمال التي تقدمها الحكومات.
و بعدما أبرزت الدور الذي تضطلع به شبكة (موبين) في دعم تقارب الأطر التنظيمية في منطقة (مينا) عن طريق تفعيل معايير النزاهة و الممارسات الفضلى داخل شركات المنطقة، أكدت المسؤولة الفرنسية على ضرورة الإنخراط في نقاش جماعي من أجل دراسة الخيارات المختلفة لحوافز النزاهة، و ذلك في أفق دعم صناع السياسات العامة و القطاع الخاص في جهودهم الرامية إلى إعداد و إعتماد حوافز فعالة.
من جهته، أكد نائب مدير إدارة الشؤون المالية بشبكة منظمة التعاون و التنمية الإقتصادية، نيكولاس بينو، أن شبكة (موبين) أطلقت، منذ سنة 2011، برامج و مبادرات لمكافحة الفساد من أجل تحقيق التنافسية المنصفة و العادلة داخل المقاولات، مبرزا جهود الشبكة من أجل تعزيز التنمية الإقتصادية الشاملة في جميع بلدان منطقة (مينا).
و سجل نائب المدير كذلك، بأن تعزيز النزاهة يقتضي تدخلا دامجا و متعددا للقطاع الخاص و المجتمع المدني، على إعتبار أن الحوار بين هذه الأطراف يشكل آلية في صميم إشتغال شبكة (موبين)، من أجل تحفيز مبادرات تعزيز نزاهة الأعمال و الثقة بين الفاعلين الإقتصاديين و الرفع من الشفافية.
و تروم هذه الندوة، التي تشارك فيها مجموعة من الجهات الفاعلة في مجال النزاهة في منطقة “مينا”، و خبراء من دول منظمة التعاون و التنمية الإقتصادية، مواصلة الحوار حول آخر التطورات، و أيضا العقبات المتعلقة بنزاهة الأعمال في هذه المنطقة.
كما يسعى هذا اللقاء، الذي شكل مناسبة لعرض ومناقشة خارطة الطريق الجديدة لشبكة (موبين)، التي تم إعدادها لتحديد التوجهات الاستراتيجية المستقبلية، الى فتح نقاش عمومي بخصوص الأولويات الإقليمية لكافة هيئات مكافحة الفساد بالمنطقة.
و تناقش الندوة حوافز نزاهة الأعمال من خلال تقييم الممارسات الحالية في منطقة “مينا”، و التركيز على أهمية إعتماد نهج مندمج و شامل لمكافحة الفساد و تعزيز نزاهة الأعمال، و ضمان تمثيلية جميع فئات المجتمع، و الإستفادة من الحوار بين القطاعين العام و الخاص و تعبئة المجتمع المدني و المؤسسات التعليمية كركائز لتعليم الأجيال القادمة.