توجد قيد الإنجاز أوراش ضخمة بإقليم أزيلال لضمان تزويد دائم بالماء الصالح للشرب بالمناطق الجبلية، و لمواجهة ندرة المياه التي تعاني منها المنطقة بسبب توالي سنوات الجفاف.
و في هذا السياق، تهدف محطة تصفية المياه بجماعة واوزيغت إلى أن تشكل حلا مبتكرا لتأمين الإمداد بالمياه الصالحة للشرب في هذه الجماعة و التجمعات السكانية المجاورة المتأثرة بشدة جراء قلة التساقطات المطرية و الثلجية.
و تطمح هذه المحطة المبتكرة من الجيل الجديد التي أنجزتها وزارة الداخلية تنفيذا للتعليمات الملكية السامية الرامية إلى معالجة الإجهاد المائي، إلى ضمان التزويد بالمياه و تحسين جودتها و كذا الولوج إليها لفائدة الساكنة المحلية.
و تشتغل المحطة المنجزة في إطار جهود وزارة الداخلية المستمرة للتخفيف من آثار الجفاف على ساكنة المناطق النائية في جبال الأطلس، بتقنيات حديثة و أكثر موثوقية في مجال تنقية المياه و تصفيتها بهدف ضمان ولوج عادل إلى هذا المورد الحيوي لكافة جماعات إقليم أزيلال.
و يقوم هذا المشروع المبتكر الذي يعكس الإهتمام الخاص الذي يوليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس للأمن المائي للمغاربة، على تنقية و تصفية المياه المتأتية من الآبار في مرحلة أولى قبل معالجتها لضمن جودة أفضل لها حتى تتطابق بشكل تام مع معايير منظمة الصحة العالمية.
و يتعلق الأمر بتكنولوجيا حديثة توفر حلا ملائما و فوريا لمشكلة الإنقطاع المتكرر لمياه الشرب، و تعمل، بالإضافة إلى تحسين جودة الماء الشروب، على القطع مع سلوكات من قبيل الضخ غير القانوني و الحفر الفوضوي للآبار.
من جهة أخرى، تواصل السلطات المحلية بأزيلال إعتماد موارد لوجستية مهمة لضمان الإمداد المستمر بالماء الشروب لمختلف التجمعات السكنية المنتشرة بالجبال، بهدف مواجهة شح الموارد المائية الناجم عن إنخفاض حقينة سد بين الويدان الذي يزود جزءا كبيرا من هذه المناطق.
فعلى مستوى جماعتي أسكسي و بني عياط (أزيلال)، تباشر السلطات المحلية نقل مياه الشرب بإستخدام صهاريج محملة على شاحنات تتنقل مرتين في اليوم عبر مختلف دواوير هاتين الجماعتين، مما مكن من تحسين كبير في الظروف المعيشية للساكنة المحلية من خلال ضمان التوفير الدائم لمياه الشرب، و المساهمة من ثمة في التنمية السوسيو ـ إقتصادية بدعم الفلاحين و الحفاظ على الماشية.
و قد تم وضع هذه الصهاريج رهن إشارة الجماعتين الترابيتين اللتين تشرفان على هذا البرنامج الذي يتغيى تلبية الطلبات الفورية على مياه الشرب بهما.
و في تصريح للصحافة، أفاد المدير الإقليمي للمكتب الوطني للكهرباء و الماء الصالح للشرب (قطاع الماء) بأزيلال، عبد العزيز زيدان، بأن إنشاء هذه المحطة من الجيل الجديد يندرج في إطار برنامج واسع لوزارة الداخلية لإحداث محطات لمعالجة و تحلية و تنقية المياه بهدف مواجهة ندرة هذه المادة الناجمة عن تراجع التساقطات و تعاقب 6 سنوات من الجفاف.
و أوضح المتحدث نفسه، بأن تراجع تدفقات المصادر المائية المزودة لجماعة واوزيغت فرض تعزيز جودة المياه التي يتم ضخها من الآبار المشيدة وفقا للمعايير الوطنية و الدولية، حسبما أوضح المتحدث ذاته، مذكرا بأن هذه المحطة بطاقتها 19 ل/ث، مكنت من تحسين جودة الماء، مما خلف إرتياحا بين الساكنة فيما يتعلق بالتزود الدائم دون أدنى إنقطاع.
و حول خصوصية هذه المحطة، قال أنها متطورة و تتضمن وحدتين مدمجتين بالإضافة إلى خزانين، مشيرا إلى أنها لا تتطلب مساحة كبيرة لتشغيلها و يمكن نقلها بسهولة لتزويد دواوير أخرى بمياه الشرب إذا دعت الحاجة لذلك.
و أبرز المدير الإقليمي للمكتب أن تنقية المياه تعتمد على المعالجة بطريقة عصرية (التناضح العكسي)، معتبرا أن هذه المعالجة تمثل ثورة في مجال المياه من حيث أنها تتيح تقديم مياه صالحة للشرب بجودة عالية و ذات تأثير مفيد جدا على صحة المواطنين و من دون أدنى خطر عليهم.
و تابع أن المحطة توفر مزايا كبيرة من حيث إنخفاض تكاليف الصيانة فضلا عن مدة صلاحيتها الطويلة، مذكرا بأن إمداد هذه المحطات بالكهرباء عبر الطاقة الشمسية يمكن من إقتصاد أفضل للطاقة.
و في تصريحات مماثلة، أعرب العديد من ساكنة جماعتي واوزيغت و أسيكسي عن إمتنانهم لجلالة الملك على العناية الكبيرة التي يحيطهم بها منذ بروز مشكل قلة التساقطات، مشيدين عاليا بإلتزام السلطات المحلية بإقليم أزيلال بالدعم الحثيث و التعبئة المتواصلة لضمان الإمدادات من الماء في الوقت المناسب دون الحاجة إلى التنقل.
أن تعزيز تأمين و تزويد المناطق الجبلية بإقليم أزيلال هو ثمرة رؤية ملكية موجهة بحزم نحو المستقبل، و التي تضع المواطن في قلب التنمية، و أيضا ورش ضخم لمواجهة توالي 6 سنوات من الجفاف كان لها الأثر البليغ على إحتياطيات المياه سواء الجوفية منها أو السطحية.
و تأتي هذه المشاريع في وقت تتراجع فيه مستويات ملء السدود التي لم تعد تتجاوز 28 في المائة على المستوى الوطني، مع توزيع غير متوازن بين مختلف الأحواض المائية.
و إزاء هذه الوضعية الهشة، و بفضل العناية السامية لجلالة الملك، وضع المغرب قطاع المياه في قلب إهتماماته و مبادراته إعتبارا لدوره الحاسم في التنمية و الأمن المائي و الغذائي للبلاد.