ناقشت ندوة وطنية نظمت، اليوم الخميس بالرباط، الإحترازات و المعايير التي يتوجب على وسائل الإعلام إعتمادها لمعالجة موضوع فيروس فقدان المناعة البشري (السيدا)، و كذا سبل تحسين و تطوير التغطية الإعلامية بهذا الشأن، و ذلك بمشاركة ثلة من الخبراء و الإعلاميين.
و أكد المتدخلون، خلال الندوة التي نظمتها جمعية محاربة السيدا بشراكة مع المجلس الوطني لحقوق الانسان، أن الإعلام ليس مجرد أداة لنقل الأخبار و المعلومات، بل هو وسيلة فعالة لتشكيل الوعي العام، و توجيه السلوكيات، و كسر الصمت الذي قد يحيط بمواضيع حساسة مثل موضوع السيدا.
و في هذا السياق، قال رئيس جمعية محاربة السيدا، مهدي القرقوري، أن هذه الندوة هي فرصة لتبادل الأفكار و التجارب، و أيضا دعوة للتفكير بعمق في كيفية تحسين و تطوير التغطية الإعلامية المتعلقة بداء السيدا، معربا عن أمله في أن يتوج اللقاء بأفكار جديدة و شراكات مثمرة تعزز دور الإعلام في محاربة هذا الداء.
و بعد أن أبرز التقدم الكبير الذي شهده المغرب في مجال محاربة السيدا، بفضل الإستراتيجيات الوطنية و التعاون الوثيق بين مختلف الفاعلين من قطاع الصحة و باقي القطاعات الحكومية، و كذا المجتمع المدني، و المانحين و قطاعات أخرى، أكد المتحدث نفسه، أن هذا التقدم سيتعزز أكثر من خلال التأكيد على دور الإعلاميين و الإعلاميات في نشر الوعي الصحيح و تقديم المعلومات الدقيقة التي تسهم في تغيير المفاهيم الخاطئة و الحد من الوصم الإجتماعي.
من جانبه، شدد رئيس اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة و النشر، يونس مجاهد، على أهمية الدور الذي تقوم به وسائل الإعلام في معالجة موضوع السيدا من منطلق التحلي بالمهنية و تحمل المسؤولية الاجتماعية و من منطلق الأخلاقيات.
و إستعرض المسؤول، في كلمة بالمناسبة، مجموعة من الإحترازات و المعايير و المقاييس التي يتوجب على وسائل الإعلام إعتمادها عندما تكتب و تتكلم و تشتغل على موضوع السيدا، مبرزا أهمية الإلتزام بالدقة و أن يكون هناك سياق واضح و تحقيق التوازن و إعتماد مصادر موثوقة و اللجوء إلى المتخصصين و الخبراء.
و شدد على ضرورة التخلص من الإثارة في معالجة مواضيع ذات صلة بالسيدا و الإمتناع عن النشر في حالة الشك و الإرتياب بشأن المعلومات و تفادي تبسيط معطيات علمية و معقدة من أجل عدم السقوط في الأخطاء، فضلا عن تنظيم دورات تكوينية.
من جهته، قال رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، عبد الكبير أخشيشن، إن مشاركة النقابة في هذه الندوة هي تتويج لمسار من التعاون إمتد منذ 2007 ، موضحا أن الهدف هو الإنتقال إلى مرحلة ثانية من المعالجة الإعلامية فيما يتعلق بداء السيدا.
و أشار إلى أن النقابة حاولت طيلة هذه السنوات تكريس المهنية و الدقة في مقاربة هذا الموضوع الحساس.
و ذكر أنه من المقاربة الصحية تم التمكن من “الإنتقال من مرض مرعب إلى مرض مزمن قابل للتعايش معه”، و لكن من الناحية المهنية يحتاج التراكم الذي حققته الصحافيات و الصحافيين في طريقة معالجة هذا الموضوع، لنفس جديد نظرا لتطور وسائل الإعلام و طرق المعالجة، و إدخال مفهوم جديد في هذه المعالجة و هو مجال حقوق الإنسان.
و قال أن الواجب الإعلامي يفرض على الصحافة الوطنية الإنخراط الجاد و المسؤول في كل ما يرتبط بالصحة العامة، داعيا وسائل الإعلام إلى التمسك بالقواعد المهنية و الأخلاقية و أن “يكون المدخل الأول و الأخير هو خدمة إعلامية نحترم فيها أنفسنا و نحترم فيها المجتمع”.
من جانبها، إستعرضت أمينة الكتاني، و هي إطار في البرنامج الوطني لمحاربة السيدا، المبادئ التوجيهية للمخطط الإستراتيجي الوطني المندمج لمكافحة السيدا و إلتهاب الكبد الفيروسي و الأمراض المنقولة جنسيا 2024 – 2030 و التي تتمثل على الخصوص في إدماج خدمات الرعاية الخاصة بفيروس نقص المناعة البشري و إلتهاب الكبد الفيروسي و الأمراض المنقولة جنسيا، و مراعاة النوع الإجتماعي و حقوق الإنسان و مكافحة الوصم و التخطيط و التدبير المبنيين على أساس النتائج، و تعزيز إطار التنسيق المتعدد القطاعات.
و أبرزت المتحدثة نفسها، في مداخلة بالمناسبة، أن “الأهداف المسطرة بحلول سنة 2030 تتجلى في تقليص الإصابات الجديدة بالسيدا بنسبة 90 في المائة و تخفيض معدل الوفيات الناجمة عنه بنسبة 90 في المائة، و إزالة العوائق التي تحد من الولوج إلى الوقاية و الرعاية للأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشري، و التنسيق الوطني و الشراكة الفعالة مع المؤسسات العمومية و منظمات المجتمع المدني و القطاع الخاص في سياق إصلاح النظام الصحي و تعميم التغطية الطبية الشاملة”.
و تطرق باقي المتدخلين إلى مواضيع تهم “السيدا بين الخرافات و المعلومات القائمة على الحقائق العلمية” و “فيروس فقدان المناعة البشري و حقوق الإنسان”، و “ضوابط الأعراف المهنية و أخلاقيات الصحافة”.
و شكلت هذه الندوة مناسبة للإعلان عن تنظيم جائزة وطنية لأحسن عمل صحفي حول موضوع السيدا و حقوق الإنسان.