قد يندهش البعض حين يعرف أن البطاطس قطعت رحلة طويلة منذ أن تعرف عليها البشر قديما، و أن هذا النبات كان ساما في الطبيعة، و أن الجيش الأمريكي فكر في وقت ما في تخزينه كسلاح بيولوجي !
أكثر الروايات شيوعا تسجل أن نبات البطاطس نُقل من موطنه الأصلي في كولومبيا في أمريكا الجنوبية إلى بريطانيا بواسطة المستكشف توماس هيريوت في 3 ديسمبر عام 1586، في حين تنسب رواية أخرى هذا الفضل إلى شاعر البلاط والتر رالي. رواية ثالثة تعتقد أن البطاطس وصلت إلى أوروبا على يد الأسبان، أول من وصل من الأوروبيين إلى الأمريكتين.
القس و الجغرافي الإسباني، بيدرو سيزا دي ليون، كان أول من ترك وصفا للبطاطس و طرق تخزينها و كيفية طهيها بالشكل الصحيح، و يعتقد بعض الخبراء أنه أحضرها من بيرو إلى إسبانيا في عام 1551، بعد أن إنتهت خدمته في منصب مساعد نائب الملك في أمريكا الجنوبية.
شاعر البلاط البريطاني والتر رالي كان روّج للبطاطس بالإدعاء بأنها تعالج مرض السل و داء الكلب، و أنها في نفس الوقت تعزز الرغبة الجنسية لدى الرجال و النساء !
تعتبر بوليفيا الموطن الأصلي لهذا النبات، إلا أن المحصول إنتشر إلى مناطق أخرى و خاصة فيما يعرف الآن ببيرو و كولومبيا.
يعتقد أن بناة حضارة الإنكا قاموا بزراعة البطاطس حوالي 8000 قبل الميلاد. هذا الشعب الغامض و المبدع، لاحظ أن البطاطس البرية تحتوي على سموم. هذه السموم لا تتأثر بدرجات الحرارة و النبات يفرزها للدفاع ضد الفطريات و البكتيريا التي تصيبه.
ساعدت التقاليد التي كانت شائعة على جبال الأنديز في تتفادي سموم البطاطس وذلك لأن سكان المنطقة كانوا يلعقون الطين قبل أكل جذورها.
بهذه الطريقة تصبح سموم البطاطس غير ضارة على الجهاز الهضمي. كان سكان جبال الأنديز أيضا يغمسون البطاطس البرية في خليط من الطين و الماء و الملح الخشن.
بالتجربة طور المزارعون المحليون منذ القدم درنات بطاطس أقل سمية.
اللافت أن الأصناف السامة لا تزال حتى الآن مفضلة في المنطقة لأنها أكثر مقاومة للصقيع. حتى الآن يباع غبار الطين المستخدم في إبطال مفعول سموم البطاطس في أسواق بوليفيا.
بعد وصولها إلى أوروبا، أصبحت البطاطس بالنسبة لإيرلندا بحلول منتصف القرن التاسع عشر مادة غذائية أساسية، فمحصول البطاطس في فدان واحد من الأرض مع بقرة واحدة كان كافيا لإعالة أسرة. كانت البطاطس مربحة للعائلات الفقيرة و كان المحصول يحقق فائضا يتيح تربية الحيوانات و بيعها.
إيرلندا كانت شهدت مجاعة شديدة في عام 1845، بعد أن تعرضت محاصيل البطاطس لآفات سامة، ما دفع وقتها السلطات العسكرية الأمريكية إلى التفكير في تخزين البطاطس و إستعمالها بمثابة سلاح بيولوجي !
من المعلومات المثيرة العديدة المتعلقة بالبطاطس أن محصول الخضراوات هذا يعد في الوقت الحالي الأكبر على الأرض، و هو الخامس بعد الأرز و القمح و الذرة و قصب السكر، و أن مركز البطاطس الدولي في بيرو يتضمن حوالي 5000 نوع !
من بين ميزات البطاطس الأخرى، أنها تؤمن طاقة حرارية لكل فدان أكثر مقارنة بالذرة و الحبوب. الأهم أن محصول البطاطس لديه فرص أكبر لينجو من الكوارث التي تفسد المحاصيل الأخرى على السطح، و ذلك لأن درناته محمية تحت الأرض. البطاطس أصبحت غذاء أساسيا في الكثير من أرجاء العالم، و بفضله تمكنت العديد من الشعوب من التغلب على مجاعات شديدة على مر التاريخ.