تتسارع التوقعات الاقتصادية حول مستقبل الدولار الأمريكي، في ظل تحليل قدمه بيتر شيف، الخبير الاقتصادي وكبير الاستراتيجيين في شركة “يوروباك”، الذي توقع أن يشهد الدولار الأمريكي تراجعًا بنسبة تتراوح بين 10% و15% بحلول نهاية عام 2025.
جاءت هذه التوقعات نتيجة مجموعة من العوامل الاقتصادية التي أدت إلى تراجع مؤشر الدولار الأمريكي، بما في ذلك الحرب التجارية التي أطلقها الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، والتي كان لها دور كبير في وضع الضغوط على الاقتصاد الأمريكي.
في منشور له عبر حسابه على موقع “إكس”، أشار شيف إلى أن مؤشر الدولار الأمريكي قد فقد جميع المكاسب التي حققها بعد فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية، ليشهد حاليًا أدنى مستوى له منذ أكتوبر 2024.
ورغم أن الدولار الأمريكي كان قد حقق مكاسب ملحوظة في أعقاب فوز ترامب، إلا أن السياسات الاقتصادية التي تبناها، خاصة فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية، قد أدت إلى تراجع الدولار بشكل ملحوظ، وتسببت في ضغط إضافي على الأسواق المالية العالمية.
تعد حرب التعريفات الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب على الصين وعدد من الدول الأخرى، أحد الأسباب الرئيسية التي قد تؤدي إلى هذا التراجع المتوقع. فقد أدت هذه الحرب إلى تزايد الضغوط الاقتصادية على الشركات الأمريكية، ما أثر سلبًا على معدلات النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة.
كما أن الرسوم الجمركية كانت لها تداعيات سلبية على حركة التجارة العالمية، وهو ما زاد من المخاوف حول آفاق النمو المستقبلي للاقتصاد الأمريكي، وبالتالي انخفضت الثقة في الدولار الأمريكي.
توقع بيتر شيف أيضًا أن يكون تراجع الدولار الأمريكي مرتبطًا بتراجع مستقبلي في الأسعار العالمية، حيث يتوقع انخفاض قيمة الدولار بنسبة إضافية مع حلول عام 2026.
وبالنظر إلى الدين العام الأمريكي، الذي شهد زيادة كبيرة في السنوات الأخيرة، يرى شيف أن هذا الوضع قد يؤدي إلى صعوبات اقتصادية إضافية قد تفاقم من تراجع العملة الأمريكية.
في الوقت نفسه، أشار شيف إلى أن هذه التوقعات تأتي في وقت يشهد فيه الدولار الأمريكي ضعفًا ملحوظًا، مما ساهم في ارتفاع أسعار الذهب والفضة، وهو ما يُعتبر في الأساس مقياسًا لانخفاض الثقة في الدولار.
إلى جانب ذلك، تُسجل توقعات بارتفاع أسعار النحاس على خلفية ضعف الدولار، في ظل تحفيزات اقتصادية محتملة من الصين التي تسعى لتنشيط نموها الاقتصادي من خلال استثمارات ضخمة.
إضافة إلى ذلك، يشير شيف إلى أن الركود الاقتصادي المتوقع في الولايات المتحدة سيؤدي إلى زيادة في معدلات التضخم وأسعار الفائدة طويلة الأجل.
هذا التفاعل بين الركود والتضخم قد يؤدي إلى مزيد من الضغوط على الدولار، مما يجعل من المتوقع أن يستمر انخفاض قيمته على المدى الطويل.
ومع تزايد المخاوف من مستقبل الاقتصاد العالمي، يبقى السؤال الأهم: هل سيستمر الدولار الأمريكي في التراجع؟ أم أن هناك فرصة لانتعاشه مع التغيرات الاقتصادية المقبلة؟
إن التوقعات التي طرحها بيتر شيف قد تحمل في طياتها العديد من التحديات للدول التي تعتمد بشكل كبير على الدولار في تداولاتها، ولكنها أيضًا تفتح المجال أمام تحركات اقتصادية جديدة قد تعيد تشكيل المشهد المالي العالمي في السنوات القادمة.