فجر المعارض والناشط السياسي محمد العربي زيتوت قنبلة من العيار الثقيل، بإعلانه عن محاولة انقلاب فاشلة استهدفت رئيس أركان الجيش، الفريق السعيد شنقريحة، في أبريل الماضي. في تطور يعيد إلى الأذهان أكثر لحظات التوتر والاحتقان التي عرفتها المؤسسة العسكرية الجزائرية منذ الاستقلال.
وجاءت هذه التصريحات المثيرة في مقطع مصور بثه زيتوت عبر قناته على منصة “يوتيوب”، حيث كشف ما وصفه بـ”التحرك الفاشل”، مؤكداً أن العملية كانت على وشك التنفيذ لولا تراجع في اللحظات الأخيرة، في مشهد وصفه بـ”الهشّ والمفخخ بالتناقضات والصراعات الخفية”.
وبحسب زيتوت، فقد كان الجنرال أولحاج، القائد السابق للدرك الوطني، هو أول من أبلغ عن المؤامرة، ما أدى لاحقاً إلى إقالته في سياق تصفية الحسابات داخل أروقة السلطة. وأشار إلى أن قوات خاصة كانت قد تحركت بالفعل باتجاه مقر إقامة الجنرال المتقاعد محمد مدين، المعروف بلقب “توفيق”، أحد أبرز رموز المخابرات الجزائرية في التسعينيات، غير أنها توقفت عن التنفيذ في آخر لحظة، خوفاً من الانقسام داخل الجيش.
وأوضح زيتوت أن الجنرال توفيق يوجد حالياً خارج البلاد، مرجّحاً أن يكون في ألمانيا، وهو ما يفتح الباب أمام تأويلات كثيرة حول مستقبل الصراع داخل أجنحة النظام، وحول الترتيبات الأمنية والسياسية الجارية خلف الكواليس.
وفي ما وصفه بـ”قمع داخلي غير مسبوق”، قال زيتوت إن جنرالات بارزين، من بينهم ناصر الجن، تعرضوا لسوء معاملة و”تعذيب بشع” في مراكز احتجاز وسجون تقع تحت الإشراف المباشر لرئيس الأركان، في سابقة تؤكد مدى تشدد السلطة العسكرية تجاه أي بوادر تمرد أو خروج عن الصف.
وتُعد هذه الاتهامات، في حال صحتها، مؤشراً على التصدعات العميقة التي باتت تهدد تماسك المؤسسة العسكرية الجزائرية، والتي لطالما لعبت دورًا محوريًا في إدارة الحياة السياسية، سواء بشكل مباشر أو من وراء الستار.
ويرى مراقبون أن ما كشفه زيتوت، وإن لم تؤكده مصادر رسمية، يسلّط الضوء على واقع بالغ الحساسية داخل الجزائر، حيث تسود حالة من الريبة والتوجس بين كبار الضباط، في وقت تتزايد فيه الضغوط الداخلية والخارجية على النظام بسبب تدهور الوضع الاقتصادي وتصاعد الاحتجاجات الشعبية.
ويرجح أن هذه التطورات ستزيد من حدة الصراع على النفوذ داخل النظام، وتفتح المجال أمام مزيد من الترتيبات الأمنية والإقالات، وربما التصفية السياسية لشخصيات ثقيلة سبق أن لعبت أدوارًا مفصلية في العقود الماضية.