كشفت وكالة رويترز أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يواجه تحدياً سياسياً غير مسبوق، يتمثل في تعيين خامس رئيس وزراء خلال أقل من عامين، في خطوة تعكس عمق الأزمة التي تمر بها فرنسا، وسط غياب أي حلول واضحة للخروج من المأزق.
ووفقاً للوكالة، من المنتظر أن يقدّم رئيس الوزراء الحالي فرانسوا بايرو استقالته يوم الثلاثاء، بعد يوم من تصويت البرلمان على إسقاط حكومته بسبب خططها لمعالجة عجز الموازنة. ويأتي ذلك بعد أقل من تسعة أشهر على إقالة سلفه ميشيل بارنييه لنفس السبب، في مؤشر على تفاقم الصراع السياسي.
وأوضحت رويترز أن ماكرون، الذي أحدث تغييراً كبيراً في المشهد السياسي الفرنسي منذ وصوله إلى السلطة عام 2017، يواجه اليوم برلماناً منقسماً بشدة، بعدما تراجع نفوذ تيار الوسط لصالح أقصى اليمين وأقصى اليسار، ما جعل تمرير القوانين أكثر تعقيداً. ويعود جزء من هذا التدهور إلى رهانه الخاسر على انتخابات مبكرة عام 2024، والتي أضعفت موقفه السياسي.
وفي ظل هذه الأوضاع، يدرس ماكرون خيارات محدودة لاختيار رئيس وزراء جديد. أحد هذه الخيارات يتمثل في تعيين شخصية من معسكره، مثل وزير الدفاع سيباستيان لوكورنو، لكن ذلك قد يزيد من الغضب الشعبي. أما الخيار الآخر فيتمثل في تكليف شخصية اشتراكية لقيادة حكومة أقلية، غير أن الحزب الاشتراكي يطالب بـ”اتفاق عدم اعتداء”، يمنحه حرية تمرير سياساته الخاصة، ومنها فرض ضرائب على الأثرياء وإلغاء رفع سن التقاعد، وهي توجهات تتعارض مع الخط الاقتصادي لماكرون.
كما حذرت الوكالة من أن أي انتخابات مبكرة جديدة قد تصب في مصلحة حزب التجمع الوطني بزعامة مارين لوبان، الذي يزداد نفوذه، في حين ستتراجع كتلة ماكرون بشكل أكبر. ورغم تردد الرئيس الفرنسي في الإقدام على هذه الخطوة، وصفه مقربون بأنه “شخص غير متوقع”.
واختتمت رويترز بالإشارة إلى أن ماكرون قد يلجأ إلى الاستفتاءات الشعبية كخيار أخير للخروج من الأزمة، على غرار ما فعله الرئيس الراحل شارل ديغول عقب احتجاجات عام 1968، غير أن ديغول خسر الاستفتاء حينها واضطر للاستقالة في اليوم التالي، وهو سيناريو يثير المخاوف داخل الأوساط السياسية الفرنسية اليوم.