تواصل احتجاجات شباب ما يعرف بـ“جيل Z” في عدة مدن مغربية إثارة جدل واسع، واستقطبت ردود فعل قوية في الأوساط السياسية والحقوقية، خاصة بعد التدخلات الأمنية المكثفة التي رافقتها اعتقالات في الرباط والدار البيضاء وطنجة ومراكش ومكناس ووجدة وأكادير والراشيدية وعدة مدن أخرى.
مواجهات عنيفة واعتقالات في المدن الكبرى
وشهدت هذه التحركات مواجهات مباشرة بين المواطنين وقوات الأمن، تضمنت الرشق بالحجارة من طرف بعض المحتجين، ما زاد من حدة التوتر في الشوارع. كما غطت الأوساط الدولية ووسائل الإعلام العالمية الحدث بشكل واسع، مستندة إلى تسجيلات مصورة ومباشرة التقطها المغاربة عبر هواتفهم المحمولة، ما أسهم في تسليط الضوء على أبعاد الاحتجاج وردود الفعل الأمنية على نطاق واسع.
مطالب الإصلاح تتحول إلى اشتباكات
ورفع المتظاهرون شعارات تطالب بإصلاح منظومتي التعليم والصحة، ومكافحة الفساد، وضمان الحق في العيش الكريم. غير أن هذه التحركات سرعان ما تحولت في عدد من المدن الكبرى إلى اشتباكات مباشرة بين المواطنين وقوات الأمن، تضمنت الرشق بالحجارة من قبل بعض المحتجين، ما أدى إلى تصعيد التوتر وأثار نقاشاً واسعاً حول حدود ممارسة الحق في الاحتجاج السلمي وطبيعة المقاربة الأمنية المتبعة.
ظاهرة سياسية جديدة على شبكات التواصل
أما مجموعة “جيل Z 212” التي لم يمر على ظهورها سوى أيام قليلة، فقد تحولت إلى ظاهرة سياسية بامتياز، بعدما نجحت في حشد مئات الشباب عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ما جعلها منصة مؤثرة في التعبير عن مطالب الشباب والمساهمة في تحريك الاحتجاجات الأخيرة.
وبدأت حركة “Z” مظاهراتها بطابع سلمي، إلا أن التحركات سرعان ما تحولت إلى مواجهات مباشرة مع قوات الأمن، من بعض المحسوبين على الحركة، شهدت الرشق بالحجارة وتصعيداً في الاشتباكات، ما أسفر عن اعتقالات واسعة وتخريب في بعض الممتلكات العامة والخاصة.
وأدى هذا الانزلاق إلى إثارة جدل واسع حول أساليب الحركة، وتساؤلات حول مدى حفاظها على مضمونها الأصلي وشرعية مطالبها، وسط مخاوف من أن تؤثر الأحداث العنيفة على مصداقية الحركة وتضعف رسالتها السلمية أمام الرأي العام.
الأحزاب السياسية تدعو إلى السلمية والحوار
وأبدت الأحزاب السياسية المغربية ردود فعل متفاوتة على الاحتجاجات، حيث دعت أغلبها الشباب إلى التمسك بالسلمية واحترام القانون، محذرة من الانزلاق نحو العنف الذي قد يضر بشرعية مطالبهم. ووجّه حزب التقدم والاشتراكية نداءً للشباب من أجل الالتزام بالطابع السلمي للمظاهرات وعدم الانجرار وراء الاستفزازات أو التخريب، مؤكداً أن الحفاظ على سلمية الاحتجاجات هو السبيل الوحيد لتحقيق المطالب المشروعة وإحداث تأثير إيجابي على السياسات العمومية.
وفي المقابل، طالبت بعض الأحزاب الحكومة بالاستماع إلى مطالب الشباب بشكل عاجل والعمل على معالجة الأسباب العميقة للتوتر الاجتماعي، من خلال إصلاح منظومتي التعليم والصحة ومعالجة الفوارق المجالية، مؤكدة أن الحوار المفتوح مع حركة “Z” والاعتراف بمطالبها المشروعة يمثلان الطريق الأمثل لتفادي التصعيد وضمان استقرار الأوضاع في البلاد.
الحكومة تواجه مسؤولية مباشرة أمام الاحتقان الاجتماعي
وبينما يستمر الجدل حول الاحتجاجات، تتجه الأنظار إلى الحكومة التي تتحمل مسؤولية مباشرة في تفاقم الأوضاع، إذ لم تلتزم بما وعدت به الشارع المغربي والمواطن البسيط، مما ساهم في احتقان اجتماعي متصاعد. فالاختيار بين الإصغاء لمطالب المواطنين والعمل على تلبية احتياجاتهم، أو الاستمرار في الاعتماد على المقاربة الأمنية الصارمة، أصبح محور نقاش ساخن، وسط مخاوف من أن استمرار تجاهل المطالب المشروعة قد يزيد الوضع توتراً ويعمّق الاستياء الشعبي.