بكل وعي ومسؤولية نفذت الطبقة العاملة المغربية الإضراب الوطني العام، الذي دعت إليه المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية: الاتحاد المغربي للشغل، الكونفدرالية الديمقراطية، الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، الفدرالية الديمقراطية للشغل والنقابة الوطنية للتعليم العالي:
يوم الأربعاء 24 فبراير 2016 لمدة 24 ساعة.
وحسب التقارير والنتائج الأولية التي وردت على اللجنة الوطنية للإضراب، فقد فاقت مشاركة الطبقة العاملة وعموم المأجورين في هذا الإضراب النقابي العمالي كل التوقعات، بحيث تم تنفيذه في إطار من الوعي والمسؤولية وبشكل شامل في كل الجهات والأقاليم والمدن المغربية، وبجميع القطاعات المهنية والإدارات والمرافق العمومية. ورغم بعض الاستفزازات الإدارية، ومحاولات تغليط الرأي العام الوطني والعمالي من طرف جهات حكومية، فقد حقق الإضراب نجاحا باهرا:
بنسبة معدل وطني %84,8.
في كل جهات وأقاليم ومدن المغرب، انخرطت الطبقة العاملة المغربية بكل فئاتها وقطاعاتها بكثافة ووعي وبكل مسؤولية في الإضراب، حيث توقفت عجلات الإنتاج والحركة في كل مكونات النسيج الاقتصادي والخدماتي، وفي كل المؤسسات والإدارات والمصالح بالوظيفة العمومية والقطاعات الوزارية، الشلل التام في قطاع التعليم بكل فئاته وأسلاكه، وفي الجامعات والمدارس والمعاهد العليا والأحياء الجامعية ومراكز التكوين، وفي قطاع العدل والمالية والصحة حيث توقف العمل في المستشفيات الجامعية والمراكز الصحية والمصحات وكثير من العيادات الطبية، وتوقفت الدراسة بشكل كلي في كل المؤسسات والمراكز والإدارات التابعة للتكوين المهني، كما شلت الحركة في مختلف الإدارات والمصالح التابعة للجماعات المحلية في المدن كما في القرى والمداشر وفي مجموع التراب الوطني.
كما شمل الإضراب القطاعات الحيوية والاستراتيجية، الإنتاجية والخدماتية، العمومية والخاصة: المصارف والبنوك، الضمان الاجتماعي، مؤسسات وإدارات الاحتياط الاجتماعي والتعاضدي، البريد والاتصالات، الطاقة، البترول والغاز والمواد المشابهة، المكتب الوطني لتوزيع الكهرباء والماء، ليديك وريضال وأمنديس، الفلاحة والصيد البحري، مؤسسات التأمين، النقل البري بكل أصنافه وأنواعه، والسكك الحديدية، النسيج والجلد، الصناعات الكيماوية، قطاع البناء والإسمنت، الصناعات الغذائية، التجارة والخدمات، المناجم والفوسفاط والمعادن، صناعة الأدوية، الحديد، التصبير، السياحة والفنادق والمطاعم، المطابع والنشر، مراكز النداء، الوكالات الحضرية ووكالات التنمية، النقل الحضري، الملاحة البحرية، حيث توقفت الحركة في كل مرافق الموانئ: الشحن والتفريغ، قطر وإسعاف السفن، شاحنات نقل الحاويات، مخازن الحبوب، أوراش ومعامل المغرب.
كما انخرط في الإضراب الوطني العام موظفو وموظفات بعض المجالس الدستورية كالمجلس الأعلى للحسابات والمجلس الوطني لحقوق الإنسان ومجلس المستشارين …
وانطلاقا من وطنيتها وحرصها على المصلحة العليا للبلاد، وإيمانا منها بأن الهدف من هذا الإضراب، هو إثارة انتباه الحكومة إلى ما تعانيه الطبقة العاملة وعموم الأجراء، من مشاكل وقضايا تستوجب الإسراع بمعالجتها، والتفاوض حولها، وكتعبير عن نضجها ووعيها، قررت اللجنة الوطنية للإضراب عدم إقحام بعض المؤسسات والوحدات الإنتاجية والصناعية ذات الطابع الاستراتيجي في الإضراب، والاكتفاء بحث أطرها النقابية وعمالها ومستخدميها بحمل الشارة، كتعبير عن التضامن مع المضربين، كما هو الشأن بالنسبة للخطوط الملكية الجوية التي سيحمل العاملون فيها بالطائرات شارات التضامن أثناء الرحلات الجوية، وكذلك مستخدمو المكتب الوطني للمطارات، ومراقبو الملاحة الجوية، والشركات العاملة بالمطارات، والعاملون بالطرق السيارة، وفي بعض المرافق الاجتماعية من مثل المستعجلات. وحفاظا منها على مصلحة الاقتصاد الوطني ودواليب الإنتاج، دعت اللجنة الوطنية للإضراب إلى اتخاذ مجموعة من التدابير، كالعمل على ضمان تقديم الخدمات الأساسية الدنيا(service minimum) وخدمات السلامة(service de sécurité) .
وقد توصلت الحركة النقابية برسائل التضامن الدولي والمساندة من هيئات ومنظمات نقابية دولية: الاتحاد الدولي للنقابات وهو اكبر منظمة نقابية تضم 180 مليون منخرط من 162 دولة ـ الاتحاد العربي للنقابات ـ الاتحاد الإفريقي للنقابات ـ الاتحاد العام التونسي للشغل ـ الفدرالية العامة لعمال إيطاليا CGIL ـ اللجان العمالية الإسباني CCOO ـ الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بفرنسا CFDT ـ القوي العمالية FO ـ اتحاد عمال فلسطين… ومازالت رسائل التضامن والمساندة تتقاطر على الحركة النقابية…
فهنيئا للطبقة العاملة المغربية بهذه الملحمة النضالية التي عبرت من خلالها عن مدى نضجها ووعيها وقدرتها على التعبئة والنضال والاحتجاج السلمي للتعبير عن مطالبها العادلة والمشروعة، فهل تستوعب الحكومة الدرس؟ وتستخلص العبر وتعود إلى جادة الصواب بفتح مفاوضات حقيقية ومسؤولة حول مطالب الطبقة العاملة المغربية.
لقد برهنت الطبقة العاملة المغربية وعموم الأجراء من خلال انخراطهم بكثافة في هذا الإضراب الوطني العام على تشبثهم بالدفاع عن حقوقهم وتمسكهم بمطالبهم العادلة و المشروعة، فهل تستوعب الحكومة الدرس و تستخلص العبر وتعود إلى جادة الصواب بفتح مفاوضات حقيقية والتداول بجدية ومسؤولية مع الحركة النقابية حول الملفات المطروحة والقضايا التي تتطلب معالجة فورية بدون تسويف ولا تماطل.
كما تهيب اللجنة الوطنية للإضراب بكافة المناضلات والمناضلين في مختلف القطاعات المهنية والإنتاجية والاتحادات الجهوية والمحلية والجامعات والنقابات الوطنية، رفع وتيرة التعبئة والتأهب للدفاع عن حقوق ومكتسبات الطبقة العاملة والجماهير الشعبية. والمجد للمناضلات والمناضلين الشرفاء الذين رفعوا عاليا راية الطبقة العاملة المغربية. والنضال مستمر إلى أن تتحقق مطالبها العادلة والمشروعة.
عاشت الوحدة النقابية.
عاشت الطبقة العاملة المغربية.
الدار البيضاء 24 فبراير 2016.