تشهد أسواق النفط العالمية تحولات عميقة، بعدما أصبح داخل تحالف “أوبك بلس” قبول متزايد بمرحلة الأسعار المنخفضة. ففي 12 دجنبر الجاري، تقرر الإبقاء على مستويات الإنتاج دون تغيير، وهو ما عزز التوقعات بانخفاض سعر البرميل إلى أقل من 60 دولارا.
ويرى خبراء الطاقة، من بينهم الروسي كيريل روديونوف، أن العالم يطوي صفحة امتدت منذ سنة 2004، ليدخل مرحلة طويلة من استقرار الأسعار عند مستويات متدنية، بفعل التحول الطاقي العالمي، وتباطؤ النمو في الاقتصادات الكبرى، وتراجع الاستهلاك الصناعي.
في المغرب، يثير هذا التحول أسئلة جديدة حول انعكاساته على القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة أن ملف المحروقات ظل مثار جدل منذ قرار تحرير الأسعار سنة 2015 بعد رفع الدعم تدريجيا. فغياب إطار تنظيمي ملزم يربط بين الأسعار الدولية وأسعار البيع بالمحطات الوطنية يجعل أي انخفاض رهينا بالمنافسة بين الشركات بدل أن يكون نتيجة آلية واضحة.
وتكشف معطيات مجلس المنافسة للربع الثاني من السنة الجارية استمرار فجوة بين الأسعار العالمية وسلوكها داخل السوق الوطنية، حيث واصلت الشركات التسع المهيمنة تحقيق هوامش ربح مستقرة بلغت 1.17 درهم للتر من الغازوال و1.83 درهم للتر من البنزين. هذه الهوامش لم تتأثر بانخفاض تكاليف الشراء الدولية، إذ تراجع سعر الغازوال عالميا بنحو 0.98 درهم للتر، بينما انعكس ذلك محليا فقط بـ0.47 درهم، في حين سجل البنزين وضعا مماثلا.
ويزداد الوضع تعقيدا بفعل تركز السوق، إذ تستحوذ الشركات الكبرى على 81 في المائة من واردات الوقود، وتسيطر على 71 في المائة من شبكة محطات التوزيع إلى غاية يونيو 2025، ما يمنحها قدرة واسعة على ضبط هوامش الربح بعيدا عن تقلبات السوق الدولية.
أمام هذا المشهد، يبقى السؤال: هل سيتمكن المستهلك المغربي من الاستفادة من “العصر الجديد” لأسعار النفط المنخفضة؟ المعطيات الحالية توحي بأن الأثر سيظل محدودا ما لم تُفعَّل آليات رقابية صارمة وتُعزز المنافسة والشفافية داخل السوق الوطنية، بما يضمن انتقالا عادلا لتقلبات الأسعار نحو جيب المواطن.















