أيها الرئيس.. قبل أن تعتذروا من الفقراء.. توقفوا يا دهماء السياسة عن إهانة عقولنا بأكاذيبكم وخداعكم. وأنتم تتحدثون عن الفقراء ومكافحة الفساد. وتأكدوا أن نوبات الضحك الهستيري تدمع عيوننا ونحن نسمع منكم أنكم ماضون في الإصلاح. مع أننا نعلم جيداً أنكم منظومة سياسية شرعنت الفساد. حتى إن أحدكم قال إن الفساد أصبح ثقافة.
أيُها الرئيس وماذا بعد..؟. لقد أصدرتم قراراً بإعدام الفقراء من خلال رفع سعر صرف الدولار. فازداد الفقراء فقراً والجياع جوعاً والمترفون ترفاً.
تناسيتم سير آل البيت الأطهار الذين تدّعون انتماءكم إليهم. ولم تتعلموا منهم أن مغانم الدنيا هي كمصائد الشيطان. وأن المقبل عليها كشارب ماء المحيط كلما شرب ازداد عطشا. فبأي وجهٍ تخرجون به لشعبكم وربكم.
الزهد والتقشف
كنت أتمنى أيُها الرئيس أن أرى منك ذلك الزهد والتقشف وأنا أسمع منك في أولى خطاباتك منذ تسلمك المسؤولية وأنت تقول (ياگاع انشگي وبلعيني). مُستنكراً حالة الفقر والبؤس الذي يعيشه أبناء الجنوب لكنني كنت مخطئاً. إذ كيف يمكنك أن تجمع في قلبك بين أوجاع الفقراء مع حياة البذخ والترف التي تعيشونها.
جميعكم تلعنون الطاغية وذلك الدكتاتور. وأنتم تسكنون في قصورهم وتنامون في غرفهم وتتنزهون في حدائقهم. فأي عذرٍ تقدمونه لشعبكم. لم تعلمكم التجارب السابقة وما زلتم مصرّين على استمالة الفاشلين والمتملقين والمنافقين ظناً منكم أنهم سيرفعون من مجدكم السياسي. وأصبحت مسمياتكم وعناوينكم مدارس لتخريج الفاسدين والفاشلين. لقد ضاع بلد كان اسمه العراق. وبيعت مقتنياته في أسواق النخاسة وتكالبت عليه من خارج الحدود كل نطيحة ومتردّية. لأن نهم السلطة وطمع الحياة أنسى ولاة الامور خدمة الشعب ونصرة المظلومين.
سنوات عجاف مرّت على العراق والعراقيين بظلامها وفقرها وجوعها وجيوش الأرامل واليتامى والعاطلين. وأنتم تتحدثون عن الإصلاح ومكافحة الفساد بلا خوف أو حياء أو خجل.
أي السبيلين اخترت؟
كنت أتمنى أيُها الرئيس أن تتحالف مع شعبك. وأن تنتصر للفقير وترفع من شأن المظلوم. لكن بربك أي السبيلين اخترت؟ دائماً وما أكثر الفرص التي تتاح لكم لتكونوا من الخالدين بين شعوبكم. وأن تعملوا لصالح الفقراء واليتامى لأن هؤلاء هم من سيخلدكم. لكنكم تختارون الطريق الآخر.
انظر فيما حولك أيُها الرئيس. فهل ترى ما يحدث لشعبك من أمراض وفقر وجوع وأوبئة؟ أم أنك ترى شعباً مرفهاً تحتضنه جنات النعيم في مناطق مُحصنة.
تخنقكم الكلمات وتسكتكم العبرات عندما تتحدثون عن الفقراء والبسطاء. وأنتم الذين رفعتم أسعار قوتهم اليومي فاشتعلت الأسواق غلاءً.
أيُها الرئيس كثيراً ماتتحدثون عن خدمة الشعب. وأنتم تسرحون وتمرحون بأموالهم وتعبثون بمقدراتهم. وتؤسسون جمهوريات عائلية وأمجادا زائفة وزائلة من قوت أطفالهم وأموال اليتامى، وإعلاماً يقدس بحمدكم وحياة باذخة وقصوراً يحيط بها الحرس لحمايتكم. لكنكم تغافلتم أن هذه القصور والحدائق والساحات التي تمرحون بها قد كان من سبقكم يسكن فيها. فتمعّنوا وتيقّنوا وافهموا الدرس وأسألوا أنفسكم أين كان هؤلاء؟.. وكيف عاشوا؟ وأين أصبحوا؟… وتلك عبرة الله والشعب لكم… وليتكم تتعظون وتعتبرون.