يشهد المجال السياسي في المغرب تحولات ملحوظة مع اقتراب استحقاقات انتخابات 2026، حيث بدأ النقاش يروج حول استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة جديدة في الحملات الانتخابية. الخبراء والأكاديميون الذين شاركوا في مائدة مستديرة نظمتها “مؤسسة علي يعته” بالمقر الوطني لحزب التقدم والاشتراكية، حذروا من التحديات المرتبطة بتوظيف هذه التكنولوجيا الحديثة، مشيرين إلى أن الأحزاب السياسية لم تواكب بعد التطور التكنولوجي اللازم للانخراط في هذا المجال، رغم الفرص العديدة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي.
الذكاء الاصطناعي: أداة جديدة في المعترك الانتخابي
يعتبر الذكاء الاصطناعي من أبرز التطورات التكنولوجية التي تشهدها مختلف المجالات، بما فيها السياسة. محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، أعرب عن رغبة حزبه في استثمار هذه التقنية في المستقبل. وقال: “الذكاء الاصطناعي جزء أساسي مما يحدث، وأحببنا أو كرهنا يجب أن نكون حاضرين على مستوى المعترك”. وأكد بنعبد الله على ضرورة أن يكون لدى الأحزاب تصوّر شامل حول استخدام هذه التكنولوجيا، خاصة وأن هناك تأخراً في مواكبة هذه التقنية في الحياة السياسية المغربية.
من جانب آخر، تساءل بنعبد الله عن مدى تأثير هذه التقنيات على الديمقراطية المغربية، مشيراً إلى خطر ظهور نزعات متطرفة قد تؤثر سلباً على الممارسة الديمقراطية، في حال تم استخدامها بطرق غير أخلاقية أو غير قانونية.
تحديات أساسية أمام الأحزاب السياسية
في هذا السياق، قال حاتم بامهاود، أستاذ جامعي متخصص في الذكاء الاصطناعي، إن استخدام هذه التقنية في السياسة سيتطلب من الأحزاب السياسية المغربية تحديث بنيتها التكنولوجية بشكل جذري. وأضاف أن “الذكاء الاصطناعي يمكن أن يوفر العديد من الفرص، مثل تحليل البيانات بشكل دقيق واستهداف الناخبين برسائل مخصصة، لكن هذا قد يفتح الباب أيضاً للتلاعب بالرأي العام، وبالتالي يصبح من الضروري ضمان الشفافية والمصداقية”.
ورغم هذه الفرص، تظل الأحزاب المغربية تواجه العديد من التحديات، أبرزها ضعف البنية التحتية الرقمية لهذه الأحزاب. الأمر الذي يستدعي ضرورة انخراط الأحزاب في ورشات تدريب وتطوير تشمل تعزيز مهارات الأطر الفنية في هذا المجال.
الذكاء الاصطناعي والإشكاليات الأخلاقية في الانتخابات
من جهة أخرى، حذر عمر بنعياش، أكاديمي متخصص في السوسيولوجيا، من المخاطر الأخلاقية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الانتخابات. وقال إن “الذكاء الاصطناعي قد يصبح أداة لهندسة الجمهور، مما قد يؤدي إلى توجيه الرأي العام بطرق غير أخلاقية أو حتى إلحاق الضرر بشخصيات عمومية”.
وأشار بنعياش إلى أن هذا يثير تساؤلات حول ما إذا كانت الأحزاب المغربية على استعداد لمواجهة التحديات الأخلاقية والتقنية التي قد يطرحها هذا النوع من التكنولوجيا. ولفت إلى ضرورة اتخاذ إجراءات قانونية صارمة للحد من تجاوزات الذكاء الاصطناعي وحمايته من الاستغلال الضار.
الاستعدادات المستقبلية
بينما تقترب الانتخابات المقبلة في المغرب، يظل السؤال الأهم هو: هل ستكون الأحزاب السياسية قادرة على مواكبة هذه التحولات التكنولوجية؟ وفي حال لم تقم بتطوير بنيتها التحتية التقنية والتأهيل اللازم للأطر المعنية، فإن استخدام الذكاء الاصطناعي قد يتحول إلى سيف ذي حدين.
إجمالاً، يشير الخبراء إلى أن المغرب أمام تحدٍ كبير في ظل التطور السريع لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. ورغم أن هذه التقنيات توفر فرصاً هائلة لتحسين الحملات الانتخابية، إلا أن مواجهتها مع التحديات الأخلاقية والتنظيمية يتطلب جهداً مشتركاً من جميع الأطراف المعنية لضمان نجاحها في إطار بيئة سياسية شفافة وآمنة.