الحدث بريس:المختار العيرج.
لم تشهد الرشيدية خلافا حول مسؤول كما تشهده اليوم حول والي جهة درعة تافيلالت، عامل الرشيدية يحضيه بوشعاب .
و يعود ذلك أساسا لأسلوبه في تدبير الشأن العام، فرأى فيه البعض استهدافا لحزبه و شخصه و اعتبره البعض الآخر نهجا منسجما مع القوانين المحددة للعلائق بين مختلف مكونات المجتمع في حين آثر آخرون النأي بالذات عن الموضوع و اللوذ إلى الصمت المطبق، و هذا الطرف قد لا يكون ممثلا ببعض المستشارين بالجماعة لكنه موجود كتيار في المجتمع .
يوجد في الساحة موقفان مختلفان و متنافران من الوالي و أسلوبه في إدارة الجهة و الاقليم :
- موقف يعتبر أن أسلوب الوالي هو بلوكاج له و تضييق عليه و على طريقته في التدبير، و يستدل على ذلك برفض متواتر للمقررات الجماعية التي تنتمي لتيار العدالة و التنمية و لا يتردد في التعبير عن تخوفه و هواجسه من مستقبل الممارسة السياسية و مآل الاختيار الديمقراطي .
- و موقف ثان، هو رؤية معظم الأحزاب الأخرى التي تعتبر أن الوالي يطبق القانون و يمارس صلاحياته و أنه منذ تعيينه أوقف استغلال تدبير الشأن العام لخدمة أجندات سياسية، و حجتهم أن هذا المسؤول وضع شروطه على كل المقررات المرتبطة بانجاز مشاريع في أحياء بعينها لكون المسألة انتقائية و تتم في آخر سنة من عمر الولاية و كانت ملاحظاته على المقررات منطلقة من حرصه على تكافؤ الفرص و اتقان المنجز من المشاريع .
لكن المثير في القضية ما عرفته من تداعيات مثيرة تجلت في مؤاخذة حزب العدالة و التنمية لخصومه السياسيين الذين يقيمون إيجابيا مقاربة الوالي للشأن العام، على مواقفهم و اتهامهم بالتواطؤ فقط لأن وجهة نظرهم تقاطعت كليا أو جزئيا مع موقف السلطات، فصار بهذا الاعتبار كل شخص أو حزب يعترض على البلوكاج بجماعة الرشيدية أو مجلس الجهة يتماهى بهذه الدرجة أو تلك مع طرح الوالي، و يساهم بهذا القدر أو ذاك في البلوكاج، و بالتالي و في آخر التحليل فهو كذلك يقف ضد المصلحة العامة، فصارت بهذا المعنى المصلحة حاضرة مع حزب العدالة و التنمية و غائبة مع غيره من الأحزاب و مع الوالي و السلطة لأنهم في سلة واحدة .
هذا المنطق للأسف غير مقبول لأنه يصنف الناس إلى ملائكة و شياطين، و يجرد الآخر من حريته في التفكير و التقرير، و يلصق به أقبح النعوت، و في المقابل يعلي من شأن ذاته و حزبه و كأنه الفرقة الناجية الوحيدة .
و أعتقد جازما أن هذه القناعات و هذه التصورات هي في جزء كبير منها سبب هذا التنافر القاتل بين المكونات الحزبية في الرشيدية، فلم يسبق أن تم تنسيق بينها و تشاور في القضايا المصيرية للمدينة و الاقليم، و لم يسبق لهذه المكونات أن فتحت نقاشا بين أطرها و مناضليها في الوقائع و المستجدات لأن هذا الطرف أو ذاك يعتبر الأخر غير كفء و لا تتوفر فيه الشروط، فكان الاقصاء للآخر من صلب القناعة و الاختيار، و الحال أنه من أبجديات علم السياسة الاقتناع و الايمان بالتكتلات في جميع الميادين، و أن هذه هي الوسيلة لترجيح الكفة و كسب الرهان، فلو اتفقت كل المكونات الحزبية مثلا على وجود بلوكاج لكان التأثير قويا و الفائدة عامة، أما و أن تيارا واحدا يردد ذلك، و تيارات أخرى تعتبره تطبيقا للقانون و ممارسة للصلاحيات فسيظل باب التأويلات مفتوحا على مصراعيه و القراءات متعددة و الجهود مشتتة، و هذه الحال لا يبدو أن الرشيدية ستتحرر من قيودها في المدى المنظور .
من موقع محايد اقول هل القانون يخول للوالي التحكم في آخر سنة من الولايات الإنتخابية، وهل هو نهج لوزارة الداخلية يسري على الجميع ام اننا بصدد طقوس بيت الطاعة ، خصوصا ان الجهات الأخرى لاتخضع لهكذا اجراءات ،
منطقة درعة تافيلالت منطقة شبه منكوبة ، وحرام على اي كان وتحث اي مبرر عرقلة اي مشروع ، ولو كان الوالي يسكن بأزقة لحدب المحدودبة والمتهالكة لكان نهجه غير هذا ، وبعيدا عن التموقفات السياسية.
اما ابناء العدالة والتنمية ، فلكم الآن ان تتأملوا مفهوم المشاركة ، حينما لا يكون خصمك هو التخلف والجهل والفقر بل تجد الخصم هم التماسيح والعفاريت والدولة العميقة .