عادت مخاوف الأسواق العالمية إلى الواجهة، مع تصعيد التوتر العسكري بين إسرائيل وإيران خاصةً بشأن أسعار النفط، التي ارتفعت بنحو 7% منذ الهجوم الإسرائيلي على طهران، ما يعيد إلى الأذهان صدمة الطاقة التي شهدها العالم عقب اندلاع الحرب في أوكرانيا سنة 2022.
وتعتبر إيران أحد كبار منتجي النفط عالميا، إذ تضخ يوميا حوالي 3.3 ملايين برميل، وتصدر نحو مليوني برميل، ما يجعل أي اضطراب في إمداداتها عاملاً مباشراً في تأجيج أسعار الخام في السوق الدولية.
ويأتي هذا الارتفاع، وإن لم يبلغ بعد مستويات الأزمة الأوكرانية، في سياق اقتصادي عالمي هش، يتميز بتضخم مرتفع وتباطؤ في النمو، ما يجعله أكثر خطورة من الناحية الهيكلية.
ويقف المغرب كبلد مستورد أمام تحديات جديدة قد تعصف باستقراره المالي. فبحسب خبراء اقتصاديين، فإن كل زيادة في أسعار النفط تعني تلقائياً ارتفاعاً في كلفة واردات الطاقة، ما قد يفرض ضغطاً إضافياً على الميزانية العمومية.
ويُتوقع في هذا السياق أن ترتفع كلفة الاستيراد بنسبة لا تقل عن 20% مقارنة بما نص عليه قانون المالية الحالي.
وسيدفع الوضع الحكومة إلى اتخاذ قرارات صعبة: إما تقليص النفقات العمومية، أو توسيع عجز الميزانية، وكلا الخيارين يحملان تبعات مباشرة على النمو الاقتصادي.
ولا تخفي الأسر المغربية مقابل هذا قلقها من عودة التضخم، لا سيما مع توقع ارتفاع أسعار النقل، والكهرباء، وغاز البوتان، إضافة إلى غلاء محتمل في السلع والخدمات الأساسية.
كما ستتأثر قطاعات الإنتاج الحساسة للطاقة، مثل الفلاحة المسقية والنقل والصناعة التحويلية، ما سيضعف تنافسية الاقتصاد المغربي ويضغط على الميزان التجاري.
ويبدو مع هذه التطورات أن تداعيات الصراع في الشرق الأوسط لن تقف عند حدود السياسة والأمن، بل ستمتد لتعيد ترتيب الأولويات الاقتصادية لدول بعيدة جغرافياً، لكنها مرتبطة عضوياً بأسواق الطاقة، مثل المغرب.