رغم الجهود المبذولة من طرف البنوك المغربية في تحديث بنياتها التحتية وتوسيع حضورها الرقمي، إلا أن تجربة العملاء لا تزال تعاني من نواقص جوهرية، حسب ما كشفه تقرير حديث لمؤسسة “Affinytix” الاستشارية تحت عنوان “رهان تعددية القنوات لدى البنوك المغربية”.
وأشار التقرير إلى أن المؤسسات البنكية قامت بخطوات مهمة في رقمنة خدماتها وتوسيع شبكة وكالاتها، خاصة في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، إلا أن هذه التحولات لم تنعكس بالشكل المطلوب على جودة تجربة الزبناء. واعتبر أن غياب الانسجام والاستمرارية بين قنوات الاتصال المختلفة، سواء التقليدية أو الرقمية، يُعد من أبرز العوائق التي تؤثر سلبًا على رضا العملاء.
وأكد التقرير أن تجربة بنكية متعددة القنوات لا يمكن أن تقتصر على توفير عدد من الوسائط التكنولوجية الحديثة، بل تتطلب قبل كل شيء تناغمًا داخليًا بين مختلف الأقسام، وثقافة مؤسساتية موحدة تُسهم في تقديم خدمة متجانسة عبر مختلف نقاط الاتصال.
ومن بين أبرز النقاط السلبية التي رصدها التقرير، اضطرار العملاء إلى تكرار تقديم نفس المعلومات عند كل تفاعل مع البنك، ما يعكس ضعف التكامل بين أنظمة البيانات وتشتت المعلومات داخل المؤسسة البنكية، مما يؤدي إلى تعقيد الخدمة وتأخيرها.
ويرى التقرير أن بنية تكنولوجية متكاملة، تشمل الأنظمة البنكية الأساسية، وتطبيقات الهواتف الذكية، والمنصات الرقمية وخدمات الزبناء، هي المفتاح الأساسي لتوفير تجربة سلسة ومتصلة. غير أن التنظيم القائم على الفصل الصارم بين الأقسام داخل البنوك يشكّل عائقًا كبيرًا أمام تحقيق هذا الهدف، مما يضعف الأداء العام ويُفاقم من حدة التحديات.
ولمعالجة هذه الإشكالات، اقترح التقرير إدماج أدوات ذكية مثل روبوتات المحادثة (Chatbots) في التطبيقات البنكية، لتسهيل الرد على الاستفسارات المتكررة وتمكين الزبناء من حجز المواعيد بشكل فوري عبر المنصات الرقمية. كما دعا إلى اعتماد نموذج حكامة مرن يقوم على التنسيق الفعّال بين أقسام التكنولوجيا والتسويق وخدمات الزبناء، في إطار رؤية موحدة مدعومة بمؤشرات أداء دقيقة.
وخلص التقرير إلى أن أغلب استراتيجيات الرقمنة في القطاع البنكي المغربي لا تفشل بسبب نقص في الوسائل التقنية، بل نتيجة لضعف التنسيق الداخلي وغياب حكامة مشتركة. كما شدد على أهمية استغلال البيانات الضخمة التي تتوفر عليها البنوك عبر حلول حديثة كالحوسبة السحابية وواجهات البرمجة المفتوحة (APIs)، لضمان تحديث البيانات بالزمن الحقيقي وتعزيز التكامل الداخلي.
في المجمل، يسلّط التقرير الضوء على الحاجة الملحّة لإعادة النظر في النموذج التنظيمي والتشغيلي للبنوك المغربية، حتى تواكب تطلعات العملاء وتستفيد فعليًا من الفرص التي تتيحها الرقمنة.