تشتعل المنافسة السياسية في أروقة الاتحاد الإفريقي، ليس فقط على منصب الرئيس، بل كذلك على منصب نائب الرئيس الذي يُعد مركزاً حيوياً لتأثير المنطقة في صناعة القرار القاري. وفي هذا السياق، تتجه أنظار المراقبين بشكل خاص نحو سباق شمال إفريقيا، حيث تحتدم المنافسة بين المرشحتين الجزائرية سلمى مليكة حدادي والمغربية لطيفة أخرباش، اللتين تمثلان أقوى الأسماء المرشحة لتولي هذا المنصب الرفيع.
منافسة غير تقليدية في ظل رهانات كبيرة
تشير جريدة “جون أفريك” إلى أن المنافسة على منصب نائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي لا تقل أهمية عن السباق على الرئاسة. ففي حين تنشغل وسائل الإعلام والدول الأعضاء بالسباق الرئاسي، يجري في الكواليس صراع آخر لا يقل شراسة على المنصب الثاني في الهيكل التنظيمي للاتحاد، وهو المنصب الذي سيؤول إلى شمال إفريقيا في فبراير 2025.
يشارك في هذه المنافسة ستة مرشحين يمثلون دول شمال إفريقيا، لكن التركيز الأكبر ينصب على المرشحتين الجزائرية والمغربية. تأتي سلمى مليكة حدادي، الدبلوماسية الجزائرية المخضرمة، بخبرة طويلة في السلك الدبلوماسي والشؤون الإفريقية، ما يجعلها مرشحة ذات ثقل كبير على الساحة. من جانبها، تبرز لطيفة أخرباش، الإعلامية والدبلوماسية المغربية، بفضل مسيرتها الحافلة في مجالات الإعلام والدبلوماسية الدولية، إضافة إلى خبرتها في تعزيز العلاقات مع الدول الإفريقية.
رهانات سياسية ودبلوماسية
تعود أهمية هذا المنصب إلى الدور المحوري الذي يلعبه نائب الرئيس في مساعدة رئيس المفوضية على إدارة الملفات الكبرى للاتحاد، خاصة في وقت تتزايد فيه التحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجه القارة الإفريقية. ولذلك، فإن الفائز بهذا المنصب سيحظى بفرصة كبيرة للتأثير في صناعة القرار الإفريقي خلال السنوات القادمة.
هذه المنافسة الشرسة تعكس كذلك الرهانات السياسية الكبيرة بين الجزائر والمغرب. فالبلدان يتنافسان منذ سنوات على بسط نفوذهما في القارة الإفريقية، سواء عبر تعزيز العلاقات الثنائية أو المشاركة في المنظمات الإقليمية. وبالتالي، فإن أي نجاح في الحصول على هذا المنصب سيعتبر نصراً دبلوماسياً وسياسياً كبيراً لأحد البلدين، وسيعزز من موقفه في المشهد الإفريقي.
في هذا السياق، تلعب التحالفات دوراً محورياً في تحديد الفائز. فالبلدان يعتمدان على دعم الدول الإفريقية الأخرى، وهو ما يجعل المنافسة تتجاوز الحدود الوطنية إلى مستوى التكتلات الإقليمية داخل القارة. ويظل السؤال المطروح: أي من المرشحتين ستتمكن من جذب دعم الدول الإفريقية الأخرى؟ وأي من العواصم ستتمكن من بناء تحالفات أقوى لضمان هذا المنصب؟
ومع اقتراب موعد الحسم في فبراير 2025، تزداد التكهنات حول النتيجة النهائية لهذا السباق. وبينما تعمل الجزائر والمغرب على تعزيز حملاتهما الدبلوماسية، يبقى من الصعب التكهن بالنتيجة نظراً لتعقيدات الساحة السياسية الإفريقية.
تظل المنافسة بين الجزائر والمغرب على منصب نائب رئيس الاتحاد الإفريقي جزءاً من الصراع الأكبر بين البلدين على النفوذ في القارة. وعلى الرغم من أن السباق نحو الرئاسة يستأثر بالاهتمام الأكبر، فإن منصب نائب الرئيس يحمل في طياته رهانات لا تقل أهمية. وبغض النظر عن الفائز، فإن هذا السباق يكشف عن تزايد الأهمية التي توليها دول شمال إفريقيا للدور الذي تلعبه في تحديد مستقبل القارة الإفريقية.