الحدث بريس : الصادق عمري علوي.
يعتبر المخرج عزالعرب العلوي السينمائي المغربي المعروف من ألمع السينمائيين بالعالم العربي وله تواجد وحضور دولي لافت للانتباه .. وهو ابن منطقة تافيلالت ٬ مدينة الرشيدية بالتحديد. وهو طاقة سينمائية رائدة تشرف المنطقة باكملها . خاصة وانه دائم الافتخار بانتمائه لها ودائم الدفاع عنها وعن مصالحها في كل المناسبات. فقد دعا مؤخرا الي ادراج منطقة الرشيدية في لائحة جبر الضرر وتعويضها بالتنمية ٬ نظرا لما تعرضت له خلال سنوات الرصاص من تهميش جراء المعتقلات التي حطت الرحال بالمنطقة .
ولد عزالعرب العلوي لمحرزي بالرشيدية ، تابع دراسته بثانوية سجلماسة ، ثم انتقل الي فاس وتمكن من انجاز أول دكتوراه في السينما بالمغرب . ويعتبر من بين المؤسسين للمعهد العالي للسينما ومهن السمعي البصري بالرباط .. حصل علي شهادة الإخراج من كندا وأنجز العديد من الأفلام السينمائية القصيرة مقاس 35ملم ثم أنجز فيلميين سينمائيين طويلين اندرومان وكيليكيس ، كما أنجز للتلفزيون عدة أفلام تلفزيونية وأفلام وثائقية .
بمناسبة خروج فيلم كيليكيس دوار البوم للقاعات السينمائية وزيارته للإقليم صيف هذا العام كان لجريدة الحدث بريس فرصة للقائه وأجرينا معه هذا الحوار ننشره لأول مرة لقرائنا ليتعرفوا على واحد من مبدعي ومثقفي جهة درعة تافيلالت والذين هم كثر في مختلف الميادين والتخصصات ..
1 “كيليكس.. دوار البوم” ما دلالة هذا العنوان؟ أخذا بعين الاعتبار أنك عدلته بإضافة كلمة كليكس “دوار البوم”؟
” كيليكيس ” هي كلمة عبارة عن كود أو سنن كان يستعمل فيما بين المعتقلين في معتقل تازمامارت فقط للتعبير عن سؤال وهو ” ماذا يقع ” . وهي كلمة حورتها من الكلمة الاصلية وهي “كيكلكيس ” وقد أضفتها مؤخرا لآني كما أسلفت في حوارات سابقة لم أطلع على ماكتبه المعتقلون سابقا حول المعتقل حتى أظل محافظا على أصالة ماعلق في ذهني من آحداث وآقوال .. حينما كنت آجاور بعضا من حراس هذا المعتقل بإقليم قصر السوق ٬الرشيدية حاليا . حيث اطلعت علي بعضها فيما بعد وآخذت منها هذه الجزئية البسيطة حيث أصبح العنوان على هذه الشاكلة .” ماذا يقع في دوار البوم ؟ ” أو” كيلكيس .. دوار البوم “
2 بخلاف ما حصل في المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، حقق فيلم “كيليكس دوار البوم” خارج المغرب نجاحات كبرى، حيث توج بجوائز مهمة في مهرجانات متتالية بدءا من الجزائر ثم مصر واسبانيا وفرنسا وإيطاليا وغيرها. كيف تقرأ هذه المفارقة؟ وهل تقر بكونها مفارقة؟
هذه حقيقة لا يمكن انكارها وهي واضحة للعيان وسؤال يتكرر في الصحافة كثيرا، لكن في الحقيقة ليست لدي المعطيات الكافية التي تجعلني أقر بوجود مفارقة من عدمها ، أو أرجع الامر الى طبيعة اللجنة التي حكمت في المهرجان الوطني. وكان لزاما علي أن أقبل بالطرح الذي يقول بأن بمجرد تغيير اللجنة ستتغير الجوائز والتنويهات… ليست لدي المعطيات الكافية لأقول، بأن مطرب الحي لا يطرب وأنك مطالب بانتزاع شرعيتك وأحقيتك في النجاح والتفوق من الغرب أولا …ليست لدي المعطيات الكافية لأقول بان الامر كان مؤامرة لإقبار الفيلم في المهد لأنه، لو كان الامر كذلك لما ساهمت الدولة في انتاج هذا الفيلم …ولكن من جهة أخرى ، باعتباري ابن البلد ، فقد كانت لدي المعطيات الكافية لأقول باننا هنا في المغرب يتم تفويض كل الأشياء التي يمكن أن تزعج او لها علاقة بتصفية الحسابات ، بشكل أو بآخر، الى أعداء النجاح . وهم قوم متواجدون في كل الميادين وعلى جميع الأصعدة ، همهم الوحيد هو العمل بإخلاص في تدمير كل الايادي البيضاء في هذا البلد ، التي تسعى الى إنارة شموع كل المبادرات الجادة والجيدة والمبدعة، مخافة أن ينطلق ركب التفوق لهذا الوطن ويتجاوزهم ،وهم في غيهم كسالى ونائمين
3 الجانب الإنساني والاجتماعي قوي في فيلمك، لكن الصبغة الحقوقية تبقى العلامة البارزة له في ارتباطه بحقبة سوداء من تاريخ المغرب؟ أكيد أن اختيارك لم يكن عبثيا، فما الذي دعاك إليه؟
طبعا الاختيار ليس عبثيا او اعتباطيا ولكن في نفس الوقت غير مفكر فيه . الاختيار يمكن ارجاعه الى صيغة قدرية . حيث شاءت الظروف أن أكون ابن منطقة صحراوية قست عليها الطبيعة والانسان معا . فمن يعرف منطقة قصرالسوق ،الرشيدية حاليا، فهي جزء من المغرب الغير النافع في السبعينيات والثمانينيات٬ بل سيجزم لك أنها كانت منطقة منكوبة تركوها على حالها خارج الزمن ، لتكون منطقة عقاب سياسي وإداري معا . حيث كان يُبعد الى هناك كل من ارتكب داخل مناطق المغرب النافع ، خطأ جسيما . فان كان مرتكب الكبيرة إداريا فيُحذف به الى دواليب الإدارة بالعمالة او الإدارات العمومية ليُسير أمورنا وهو في حالة حنق وسخط على وضعه الجديد وسخطه كذلك على مكانه الجغرافي الجديد الذي كان يعتبره الكثيرون ٬ مستودعا للمتلاشيات والأموات. وان كان سياسيا مناضلا او معارضا او انقلابيا٬ فيُبعث به الى احدى المعتقلات التي كانت تؤثث فضاء المنطقة . هكذا كنا نعيش في مكان نشعر، من خلاله ، اننا كلنا تحت طائلة عقاب جماعي ولكن بدون آن ندري للأسف . من هذا الوضع جاءت فكرة الفيلم . ومن خلال ما عايشته وسمعته ، تطورت الفكرة وأصبحت فلما ناضجا صالحا لكي يعبر عن نفسه بنفسه . وبعبارة أخرى يمكنك القول ،ان موضوع الفيلم كان عبئا على كاهلي مدة طويلة ، فشاءت الظروف أن يرى النور في هذا الوقت بالذات . خاصة مع الانفراج الحقوقي الذي أصبحنا نعيش فيه الان. وانتزاع الانصاف والمصالحة وكذا قبول المجلس الوطني لحقوق الانسان بأن يكون شريكا لي في هذا الفيلم .
4 لتظهر بشاعة حقبة مظلمة وظالمة يعتقل فيها المواطن لآرائه السياسية، ذلك المواطن المدافع عن حقوقه، ركزت في فيلمك على السجان المنفذ في صورته المصغرة فأظهرت معاناته النفسية الخفية، بخلاف الزاوية التي تعودنا أن تعالج بها أفلام أخرى موضوع السجين السياسي، فتركز عليه بالتحديد أو على محيطه. ما الذي أوحى لك بهذا الاختيار؟
“السجان بدل السجين” لا يعني بالضرورة أني أعطيت اهتماما أخلاقيا للسجان عوض السجين وأخص بالتحديد المعتقل . فالأمر مجرد تصور جمالي ابداعي سيميولوجي يتوخى منهج المرآة في المقاربة . فما رأينا من معاناة للسجان وما يعيشه من تمزق عائلي وعنف نفسي ،وسخطه الدائم على وضعيته ، ما هو الا جزء بسيط جدا مما يعانيه المعتقل. باعتباره الموضوع الرئيسي للفيلم . فقط الفرق بينهما هو أن المعتقل يعي أسباب اعتقاله وينتصر لقضيته .في حين أن السجان شاءت ظروفه البئيسة أن يتواجد في المكان الخطأ وبدون قضية . وهذا ما يجعل عذابه النفسي أشد وأقوى من العذاب الجسدي للمعتقلين .
أما الاختيار الثاني فيكمن في طبيعة المعلومات المكونة للفيلم ، فهي معلومات استقيتها خارج المعتقل وليس من داخله . وأن الكاميرا لم تدخل للزنازين أبدا الا في حالة الوفاة . بل لم نشاهد وجوه المعتقلين نهائيا . لان منطق الحكاية انطلق من المعايشة الخارجية . ومن الاحتكاك بالسجان وعائلاته وليس بالمعتقلين .وبالتالي ف حكاية شاهد عيان تكون دائما أقرب الى الحقيقة . وان كان الامر فيه وجهات نظر مختلفة . غير أنه في الحقيقة ، ما يجب علينا الانتباه اليه ونحن نتحدث عن فيلم روائي وليس وثائقي، هو حقيقة الفيلم أولا و واقعيته ومنطقه الخاص ، بدل الاهتمام بالحقائق والوقائع التاريخية . وهذا طبعا زكيناه بدراستنا لكتب سوسيولوجية وبسيكولوجية لحياة ونفسية السجين والسجان معا . خاصة ما جاء به الأمريكي “دونالد كليمر” في تناوله للثقافة السجنية او ما وصلت اليه الباحثة الفرنسية “كورين غوستان” في دراسة همت عدة سجون فرنسية أظهرت من خلالها بعض جوانب العلاقة التي تربط السجين بالحارس.
5 الفيلم على مستوى الكاستينغ، يتضمن أسماء كبيرة مثل النجم حسن بديدة والممثل المقتدر محمد الرزين والنجمة راوية وكمال كاظمي وجمال لعبابسي، ما مدى مساهمة هذه الوجوه في إنجاح مهمتك، وهل شاب إدارتك لهم أو لبعضهم بعض التشويش؟ وهل كان هناك تدخل في السيناريو من البعض؟
على مستوى إدارة الممثلين كان الامر سلسا للغاية. لم يحدث أن تدخل ممثل او ممثلة في السيناريو او حتى في الحوار . في بعض الأحيان قد يعدل أحدهم طريقة التعبير بالتقديم او التأخير او إعادة الصياغة حتى يتسنى له النطق بسلاسة. ماعدا هذا ليس هناك تدخلا يذكر . لا أخفي عنك أنه من الأسباب الرئيسية لنجاح الفيلم هو الممثل . فقد حظيت بمجموعة أعطت كل ما لديها بكل تفان ونكران ذات . “حسن بديدا” من الممثلين القلائل الذي يعطي كل ما لديه. حتى في لحظات المرض لا يتوانى في الحضور الى بلاطو التصوير ، لا يكل ولا يمل من الإعادات، يحب عمله بشكل ملفت . “محمد الرزين” ممثل كبير تشعر معه بحب كبير للمهنة . عاش حالات صعبة في الفيلم ، كانت تتطلب العواطف الجياشة والبكاء أيضا .فكان يعيدها بعمق في كل مرة . وكان يتحمل أمورا تتجاوز سنه بكثير. حيث رفض، في كل المشاهد الصعبة ، أن نستعمل بديلا له. فقد كان يحمل على أكتافه وزنا ثقيلا طيلة مدة الفيلم بدون شكوى .” أمين الناجي “لا يحتاج الى شهادة في حق تميزه، فقد أثبت هذا الرجل كفاءة عالية في التمثيل . وكان سلسا بشكل كبير في التعامل رغم وضعه الصحي أنداك … انه كبير بكل المعاني . “كمال الكاظمي” فاجأ الناس في دور تراجيدي في السينما لأول مرة ..أثبت بهذا الدور أنه ممثل من طينة الكبار..”جمال العبابسي” جاء مغايرا لأدواره التلفزية ، لقد أثبت هو الاخر أنه وصل مرحلة النضج في العطاء. تنقصه أدوار حقيقية وجادة فقط ..”أسماء السريوي” أعتبرها المصريون مفاجأة الفيلم ، لاأخفي عنك أن النقاد في الإسكندرية أثنوا عليها كثيرا وكانوا سعداء بما قدمته ، اما الكبيرة “نعيمة المشرقي” و المبدعة “راوية “فأظن أنهما لا يحتاجان الى تذكير بقيمتهما الكبيرة فعطاؤهما لايخفى على أحد. وأضيف اليهما ايضا “كنزة فريدو” الممثلة المسرحية الكبيرة وسي “محمد الصوصي” بملامحه المعبرة .وكذا الطاقة الكبيرة التي يختزنها الشاب ” محمد طوير الجنة” .هذا الممثل الذي لم يقل كلمته بعد . اما المفاجأة الأخرى فتتجلى في الممثل “محمد بوصبع”. فرغم حداثة عهده بالتمثيل الا أنه استطاع في ظرف وجيز ان يلتحق بركب الكبار. ودوره في الفيلم ملفت للغاية . لقد أضاف الى مدير المعتقل لمسة جديدة أقنع فيها وأبدع ..اعتذر ان لم أوفي حق البعض ولكن كنت جد مرتاح لعطاء كل الطاقم الفني والتقني جدا .
6 أعود بك إلى الجوائز التي حصدها فيلمك الماتع أخيرا، من بينها جائزة القدس الكبرى لأفضل إنجاز فني، التي فاز بها ضمن مهرجان الاسكندرية العريق، الذي منح الفيلم أيضا تنويها خاصا لأفضل ديكور. أن يقترن فيلمك بطابعه الحقوقي بجائزة تحمل اسم القدس، هل يمكن أن يقودك ذلك للتفكير في الاشتغال فنيا على جانب من جوانب القضية الفلسطينية، في علاقتها بالحكام العرب على سبيل المثال؟
فيما يخص الجوائز لابد من الإشارة في البداية الى أن أول جائزة أخذها الفيلم ، كانت في مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي شهر غشت الماضي .حيث تمكن الفيلم من الفوز بالجائزة الثانية وكانت مخصصة لأحسن اخراج، وشهد الفيلم احتفاء كبيرا به على مستوى الصحافة الجزائرية والعربية معا . كانت هذه الجائزة بالنسبة لي، أول اعتراف بعد الانتصار الجماهيري للفيلم بطنجة .غير أن ما وقع في الساحة الإعلامية في المغرب آنذاك ،أي بعد تتويج الفيلم بأحسن اخراج من الجزائر ، أثار نوعا من الاستغراب . بل ذهب البعض الى ربط أهمية الجائزة بطبيعة الموضوع .وجاءت عناوين مغرضة في الصحافة المغربية ك “فوز سنوات الرصاص بالجائزة ” الجزائر تتوج فلما عن سنوات الرصاص بالمغرب ” ” الجزائر تحتفي بالتاريخ المظلم للمغرب ” …تناسلت العناوين على هذا الشكل . هذا لم يزعجني بالمرة. فالصحافي يختار في بعض الأحيان عناوين يعتبرها مستفزة لاستقطاب القراء . غير أنها كانت في نفس الوقت تضر اعلاميا بالقيمة الجمالية والفنية للفيلم . لكن حينما توالت الجوائز فيما بعد من كل بقاع العالم ، اختفت أطروحة علاقة الجائزة بسنوات الرصاص . وخاصة حينما تمكن الفيلم من الفوز بجائزة كبرى بمهرجان الإسكندرية وتنويه رسمي أضافي كذلك لأحسن ديكور، هنا تغير الوضع وقبلت الساحة الثقافية المغربية بالوضع الطبيعي لجودة الفيلم وأبعدته عن تصفيات الحسابات الايديولوجية بين المغرب والجزائر . وتناسلت الكتابات النقدية حول القيمة الجمالية للفيلم وطرحه الجديد في الإخراج ولغته البصرية المتميزة ..وهكذا عادت الامور الى نصابها . وزاد هذا الامر قوة حينما تمكن الفيلم ، في ظرف وجيز ، من اخذ جوائز أخرى وترشيحات متميزة في مسابقات رسمية لمهرجانات كبيرة في فرنسا وإيطاليا واسبانيا ونيويورك وانجلترا .
اما فيما يخص اقتران الفيلم بالجانب الحقوقي وفوز المغرب بفيلم كيليكيس دوار البوم لأول مرة بجائزة القدس الكبرى لأحسن ابداع فني ، فهذا اعتراف طبيعي لقيمة الفيلم الجمالية أولا، ولا بأس هنا ان أقرأ عليك ما قالته لجنة التحكيم في تعليلها لمنح الفيلم هذه الجائزة حيث قال المخرج المصري الكبير علي بدرخان رئيس اللجنة :” تذهب الجائزة لفيلم أبدع لغة سينمائية جديدة …” هذه الجملة بمفردها تحمل دلالات عميقة خاصة وانا أستاذ باحث في السينما وحامل للدكتوراه في هذا المجال ومن واجبي الأكاديمي المساهمة في تطوير البحث في الإخراج والسينما وليس تكرار ما تم ابداعه سابقا في هذا المجال . هذا إضافة كذلك الى التزام الفيلم بقضايا حقوق الانسان وهنا تدخل رمزية القدس بكل ما تحمله من معنى . وتعتبر هذه الجائزة ، بالنسبة لي ،من أهم الجوائز التي نلتها في مشواري الفني من حيث رمزيتها ودلالتها العميقة .
اما فيما يخص الاشتغال على القضية الفلسطينية فقد عرض علي كاتب مغربي روايتين حول فلسطين لإخراج سينمائي واعتذرت ليس لأني ارفض الاشتغال على تيمة فلسطين ولكن لأني لست مؤهلا لذلك. فالقضية تحتاج لمخرج فلسطيني يعيش القضية قلبا وقالبا . أما أنا فقد فاكتفي بالاشتغال على فيلم وثائقي حول القضية لأستفيد وأفيد . وأحبذ في الأفلام السينمائية دائما أن أشتغل على ما هو معيشي أكثر . بمعنى قضايا عايشتها وعايشتني . أو قل القضايا المحلية بامتياز .
7 توج فيلمك أخيرا في مهرجان” سيني ألما” بفرنسا ضمن مسابقة شاركت فيها أفلام كانت ضمن مهرجان “كان” الدولي، هل تتوقع حصد جوائز أكثر؟ وهل ستبطئ هذه المشاركات في مهرجانات دولية قادمة إصدارك لفيلمك في القاعات السينمائية المغربية؟
الجوائز بالنسبة للفيلم لا تأتي في المقام الاول . التفاعل مع الفيلم وتداوله بين الناس هو ما يضمن للفيلم العمر الطويل . الجوائز لها قيمة إعلامية فقط . فهي تخلق ما يسمى حب الفضول والتطلع لمشاهدة هذا الفيلم الذي حصد كل هذه الجوائز . وحصول الفيلم على جائزة ” الاكتشاف” في مهرجان “cinealma « بكاروس الفرنسية وهي الجائزة الثانية في المهرجان تعتبر من أهم الجوائز العالمية . لأنها بمثابة جائزة ‘الفيلم المفاجأة ” في المهرجان. خاصة وأنه كان من بين الأفلام المتسابقة ، أفلام آتية من مهرجان كان وأخرى سبق لها ان فازت في مهرجانات كبرى . وهذا ربما ما أعطى لهذه الجائزة قوة واهتماما كبيرا في الصحافة الدولية . ،وفوزه أيضا لاحسن فيلم اجنبي بمهرجان كندا الدولي للسينما وجائزة احسن ممثل بمهرجان مونتكومري بامريكا …
اما فيما يخص الشطر الثاني من السؤال ، طبعا المهرجانات تبطئ عملية التوزيع في القاعات . لان بعض المهرجانات المهمة ترفض الأفلام التي سبق توزيعها بالقاعات السينمائية . وهذا أمر يضعك بين نارين . لكن على ما يبدو ان الفيلم والحمد لله تمكن من خلق تراكم لجوائز مهمة تؤهله لدخول غمار التوزيع السينمائي بالقاعات الوطنية والعربية . حيث نستعد لإطلاقه بالقاعات السينمائية في شهر فبراير او مارس من العام القادم انشاء الله .
8 هل ثمة تفكير أو مشروع لتوزيع الفيلم دوليا بالنظر للنجاحات التي حققها خارج المغرب؟
طبعا لا يمكن لاي فيلم أن يعيش طويلا بدون توزيع . فوصوله الى المتتبعين والمشاهدين هو ما سيضمن له الاستمرارية والحياة . كل ما يمكن قوله في هذا الجانب الان، هو أن الفيلم تمكن فعلا من جلب موزع كبير على المستوى العربي ، موزع متمرس بالمهنة صاحب شركة “مادسولسيون” الأستاذ اللبناني علاء الكركوتي وقد تم توقيع عقد شامل معه لجميع الدول العربية بما فيها المغرب. ولدي وعود أخرى من موزع فرنسي لم نتفق بعد لعدم وجود منتج فرنسي مساهم في الإنتاج ، وهذا يصعب عملية التوزيع في التراب الفرنسي .ولكن يمكنني القول الان اني ضمنت التوزيع في خمسة مدن فرنسية لحد الان . على كل حال مشكل التوزيع مشكل كبير بالنسبة للسينما المغربية عموما . لأنه لا يعقل أن تتخلى عنك الدولة اثناء توزيع الفيلم بعد أن استثمرت معك مبالغ مالية في الإنتاج، هذا بالنسبة لي غير مفهوم بالمرة . كيف تتخلى عنا في وقت نحن في أمس الحاجة الى مساعدتها في توزيع المنتوج السينمائي المغربي وايصاله الى العالمية .؟
9 هل أنت راض على ماحققه الفيلم لحد الان ؟
الرضى مفهوم زئبقي ، يصعب تبنيه أو رفضه. لكن يمكن القول إني مرتاح للاعتراف باختلاف الفيلم عما أنتج في المغرب من أفلام . والاختلاف هنا لا يعني بالضرورة “التميز”، بقدر ما يعني الاجتهاد في إعطاء الجديد وعدم الجري وراء تصورات جاهزة للتطبيق . والاعتراف بالاختلاف دليل على أنى أمارس مهامي الاكاديمية وأطبقها في المتن السينمائي .
10 هل تشتغل على جديد في الميدان السينمائي الان ؟
لا أخفي عليك ان هناك مواضيع كثيرة تتجاذبني ، بعضها في مرحلة النضج والبعض الاخر لازال مجرد أفكار . أنا ما يشغلني الان هو توزيع “كيلكيس دوار البوم ” وايصاله الى كل الناس . فقد اشتغلت بتفان لمدة سبع سنوات على هذا الفيلم منذ عرض فيلم ” أندرومان من دم وفحم ” سنة 2012 الى الان 2018 لهذا لابد أن أتفرغ لتوزيعه حتى لا يذهب هذا الجهد كله سدى . يبدو لي أنه ليس بالضرورة أن نصنع أفلاما كثيرة ، بقدر ما أنه من الأفضل أن نصنع أفلاما قليلة ولكنها تكون دائمة الشباب وعصية على النسيان.
11 سؤال أخير سمعنا انك وراء مشروع احداث معهد شعبي للتكوين السينمائي اين وصل هذا المشروع ؟
فعلا أنجزت جميع الدراسات الممكنة لإنجاز معهد شعبي للتكوين السينمائي لأبناء وشباب المنطقة ولقد أكملت جميع الدراسات بما فيها الدراسات الهندسية والفنية للمشروع بحيث سيشمل استديو داخلي للتصوير ومختبرات وقاعات للدراسة وتمكنت من الحصول على موافقة اكثر من عشرين مهني وأساتذة للتكوين السينمائي علي المستوى الدولي من أوروبا وامريكا ومصر.. والدراسة ستكون بالمجان وستكون مفتوحة امام الشباب الموهوب بدون شرط السن.. لكن لحد الان لازلت أراوح مكاني.. هناك عدة مشاكل سياسية في المنطقة اثرت ولازالت تؤثر علي سير المشروع ولم أعد آدرى ما العمل لإخراج هذا المشروع الذي اعتبره كرد الجميل لهذه الأرض المباركة ولشبابها واناسها الطيبين عائلتي الكبيرة.