لم تعد مشكلة تراجع الصحف المحلية مقتصرة على الولايات المتحدة فحسب. فقد كشفت دراسة جديدة أنّ سكان بعض المجتمعات في المملكة المتحدة يعتمدون على منصات التواصل الاجتماعي –ولا سيما المجموعات والصفحات عبر موقع فيسبوك– كمصدر رئيسي لمتابعة الأخبار المحلية والحصول على المعلومات حول المناطق التي يعيشون بها.
وقاد البحث ستيفن باركلي من جامعة سيتي لندن، بتمويل من مشروع الصحافة الخيرية. وهي مبادرة تهدف إلى مساعدة غرف الأخبار في المملكة المتحدة على التحول إلى منظمات خيرية. وأجرى الباحثون مقابلات وجلسات نقاشية مع سكان سبعة مجتمعات من جميع أنحاء المملكة المتحدة.
وبخلاف عنوان الدراسة “صحارى الأخبار المحلية في المملكة المتحدة”، هناك بالفعل بعض مصادر الأخبار المحلية التقليدية في هذه المجتمعات السبعة. ولكنها تعتبر غير كافية، كما تعرّض العديد منها إلى التدهور أو الدمج أو المركزية.
وأفادت الدراسة على سبيل المثال، في إشارة إلى منطقة لويشام في العاصمة لندن، بأنّ “الصحيفة التقليدية الوحيدة المخصصة حصريًا للحي هي Lewisham News Shopper. وهي صحيفة أسبوعية مجانية”، بالإضافة إلى صحيفة مماثلة تغطي لويشام وغيرها من أحياء جنوب لندن. ولكن “العديد من المشاركين بالدراسة ليسوا على علم بأنّ الصحف التي تغطي الحي ما زالت موجودة”، وفقًا للباحثين.
وأضافت الدراسة أنّ كل هذه المجتمعات لديها “مجموعة متنوعة من الصفحات والمجموعات المتخصصة عبر موقع فيسبوك”.
وقال أحد المشاركين في الجلسات النقاشية في لويشام إنّ “العديد من [هذه الصفحات] عديمة الفائدة. ولكن هناك أيضًا الكثير من [الصفحات] المفيدة للغاية”. وأضاف أنّه “منذ حوالي أسبوعين، كانت هناك ألعاب نارية لمدة 30 أو 40 دقيقة… وسألت عمّا يحدث، وكان لدى الجميع إجابات”.
سرعة انتشار الأخبار
وقال أحد مديري صفحة Spotted in Trowbridge المحلية عبر فيسبوك في هذا السياق:
“نحن سريعون، ولا ننتظر بالساعات قبل نشر المعلومات التي تصلنا. فالناس يريدون أن يُسمع صوتهم، ونحن نسمح لهم بالتعبير عن آرائهم باحترام. وحتى في غياب الاحترام التام، نسمح للناس بنشر التعليقات كما يحلو لهم. فلا يحق لنا تحديد ما إذا كانوا على صواب أو خطأ أو غير ذلك”.
وقال أحد عاملي خدمة الصحة الوطنية في ويتبي في تصريح آخر:
“في الماضي، كُنا نلجأ إلى صحيفة Whitby Gazette لنشر التغييرات في خدمات الصحة الوطنية، مثل حملات التطعيم ضد الإنفلونزا. ولكننا لا نفعل ذلك الآن لأن النشر عبر فيسبوك أكثر فعالية”.
الفيسبوك مصدر للشائعات أيضا
وتعتبر المجموعات المحلية عبر فيسبوك من ناحية أخرى، مصدرًا للشائعات والمعلومات المضللة. وفي هذا الصدد، قال أحد العاملين لدى مكتب إرشاد المواطنين، وهي منظمة خيرية تقدم المساعدات المجانية والسرية حول شتى المواضيع:
“نحن نقضي الكثير من وقتنا في مكافحة الشائعات المنتشرة عبر فيسبوك. فعلى سبيل المثال، نستقبل أحيانًا بعض العملاء الذين يطلبون التقديم إلى السكن الاجتماعي. وعندما نشرح عملية التقديم وقوائم الانتظار واختيار العقارات، يرد أحدهم قائلًا: ’ولكنني إذا جئت من سوريا وكنت لاجئًا سأحصل على منزل تلقائيًا من دون أي أسئلة‘. وعندما نسألهم ’من أين أتيتم بهذه المعلومات؟‘ يشيرون إلى موقع فيسبوك”.
وأفاد الباحثون بأنّ مجموعات فيسبوك لا تقدم أي تحقيقات استقصائية، قائلين إنّ “المشاركين أوضحوا أنّ العديد من القضايا والمؤسسات المحلية لا تحظى بالتغطية الكافية. وحتى في وجود التغطية المطلوبة، فإنّ المشاركين يعتقدون أنّ أغلبها يتم من خلال أقسام الشؤون العامة والبيانات الصحفية الصادرة من هذه المؤسسات، بدلًا من التغطية المستقلة”.
وهُم محقون في ذلك، ففي حديثٍ حول كيفية الحصول على التغطية في الصحف المحلية، قال ممثل إحدى المؤسسات الخيرية المحلية: “عادة ما نكتب القصة نيابةً عنهم. كما نوفر الصور والتعليقات والعناوين المقترحة. بل إنني أستطيع تعديل المقال وتغيير الكلمات المستخدمة، ولم يسبق لي فعل ذلك من قبل”.
نقطة مضيئة
ولكن هناك نقطة مضيئة، أحيانًا، وهي خدمة تغطية الديمقراطية المحلية، إحدى مبادرات شبكة بي بي سي:
في بعض الحالات، تمت الإشارة إلى تغطية الحكومة المحلية على أنّها جيدة نسبيًا مقارنة بتغطية المؤسسات والخدمات العامة الأخرى. وعلى الرغم من أنّ المشاركين بالدراسة (باستثناء من عملوا بالصحافة) لم يكونوا على دراية بالبرنامج. إلّا أنّ بعض التقارير المشار إليها يمكن نسبها إلى مراسل الديمقراطية المحلية (LDR) في المنطقة.
“لقد كان الصحفيون الذين يغطون أخبار الحكومة المحلية بارعين من حيث حضور اجتماعات المجلس ونشر التغريدات عنها”.
واستطاع مراسلو الديمقراطية المحلية مواصلة تغطيتهم لاجتماعات المجالس في بعض المناطق، بدرجات متنوعة، على الرغم من نقص الموظفين. ولكن برنامج تغطية الديمقراطية المحلية ليس ناجحًا في جميع المناطق. فقد عانت مقاطعة نورث هامبتونشاير في توظيف المراسلين بسبب انخفاض الأجور وندرة المهارات المطلوبة. مما جعل الوظيفة شاغرة لأكثر من عام في وقت كتابة هذا المقال. وفي أحد المجتمعات، ترك المراسل عمله للانضمام إلى السلطة المحلية بوظيفة مسؤول الاتصالات.
وقال أحد المشاركين في المقابلات من جهته، إنّ “بإمكانك متابعة السياسات المحلية إذا بحثت عنها، ولكن ما الفائدة إذا كنت عاجزًا عن فعل أي شيء تجاهها؟”.