دعا المشاركون في الدورة الثامنة من منتدى “المغرب اليوم”، المنعقد اليوم الجمعة بالرباط، إلى جعل كأس العالم 2030 لكرة القدم، الذي سيستضيفه المغرب بشراكة مع إسبانيا والبرتغال، محركًا هيكليًا للتنمية المستدامة، بدل أن يظل مجرد حدث رياضي عابر.
وجاءت هذه الدعوة في ختام أشغال المنتدى الذي نظمته مجموعة “لو ماتان”، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، تحت شعار “رؤية ملك – المغرب 2030.. ترسيخ أسس أمة عظيمة”. وأكد المشاركون، من صناع قرار وخبراء وباحثين ومهنيين في قطاعات الرياضة والاقتصاد والرقمنة والإعلام، أن مونديال 2030 يمثل فرصة تاريخية لتحويل المغرب إلى نموذج في التنمية الشاملة والمستدامة.
ناقش المنتدى ثلاثة محاور رئيسية ركزت على التحولات الضرورية لجعل المغرب مجتمعًا مدنيًا نشيطًا وذي كفاءة، يكون فيه العنصر البشري في صلب المشروع التنموي، إلى جانب بناء اقتصاد فعال ومستدام ومولد لفرص الشغل، ومدعوم بإرث كأس العالم. كما تطرق المشاركون إلى أهمية التحول الرقمي وبناء “أمة رقمية” ذات سيادة ومبتكرة، قادرة على مواجهة تحديات الرقمنة، من الذكاء الاصطناعي إلى الأمن السيبراني.
وأكدت التوصيات الختامية للمنتدى على ضرورة تقديم رؤية اقتصادية واضحة للمستثمرين، مع إرساء بيئة أعمال جاذبة وشفافة. وفي هذا السياق، شدد المشاركون على ضرورة تبني نهج متكامل في الاستثمارات المتعلقة بمونديال 2030، بحيث تشمل النقل، البنيات التحتية، الرقمنة، والاستقبال، لضمان تناسق المشاريع وتأثيرها الشامل.
شدد المشاركون على أهمية إدماج المقاولات، خصوصًا الصغرى منها، في الدينامية الاقتصادية المرتبطة بالتحضير لكأس العالم، من خلال اعتماد مقاربة ذكية في التمويل والتحول، بهدف تحديث النسيج الاقتصادي الوطني بما يتماشى مع الطموح الكبير لهذا الحدث. وفي السياق ذاته، دعت التوصيات إلى تنويع منتجات التمويل المستدام لتلائم خصوصيات الجهات والفئات المستهدفة، باعتماد أدوات مالية شاملة وأخلاقية تستجيب لحاجيات مختلف الشرائح.
أما في قطاع الرقمنة، فقد أوصى المنتدى بدعم المقاولات الناشئة المغربية في مجالات الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات المتعلقة بتدبير الفعاليات، والأمن السيبراني، وتجربة المستخدم، مع اعتماد رقمنة شاملة ومتدرجة تراعي خصوصية المجالات الترابية.
أكد المشاركون على ضرورة جعل الإنسان والمواطن المغربي محورا أساسيا في إنجاح محطة 2030، من خلال تعزيز روح المواطنة، وتبني مقاربة تربوية تشاركية تعيد صياغة دور المواطن كشريك في التنمية والتغيير.
ويأتي تنظيم هذا المنتدى في ظل التحديات والفرص الكبرى التي يطرحها تنظيم مونديال 2030، الذي يعتبر، وفقًا للرؤية الملكية المتبصرة، أكثر من مجرد تظاهرة رياضية، بل محطة استراتيجية لتسريع التحول الوطني على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتكنولوجية. “منتدى المغرب اليوم 2025” يسعى إلى مد الجسور بين الفاعلين المؤسساتيين والباحثين ورواد الأعمال والمجتمع المدني، من أجل بناء مستقبل مشترك يرسخ المغرب كقوة صاعدة ومبتكرة، قادرة على تحويل التحديات إلى فرص للتنمية الشاملة والمستدامة.